وجاء دور أولاد حام في تداول الأيام!


وجاء دور أولاد حام
في تداول الأيام
أحاديث منتدى الغرابة
محمد المهدي الحسني
20 دجنبر 2012 موافق 7 صفر 1434





وجاء دور أولاد حام  في تداول الأيام
أحاديث منتدى الغرابة
المحتوى:
تنبيه
تمهيد
أهل المحبة بالأوطان قد شغفوا!
أسرار تسمية "مازغستان"
حب الأوطان من الإيمان...
هجرة وآيات في الآفاق
استخلاص العبر
  

تنبيه:


من بلاد مازغستان، سنة 2056 ! 
بعد ثورة الشعوب التي عمت العالم انطلاقا من تونس… 
حكايات من عوالم الشهادة، والخيال، والغيب، والبرازخ التي بينها، لا يقيدها عقال…
فمن ربط أحداثها أو أشخاصها بما هو موجود في الوجود، فليتحمل تبعات الجحود بتنزيه الخيال عن القيود والحدود…
ولقد رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الحالم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المتخيل حَتَّى يعقل”. 
تمهيد
كنت قد كتبت من قبل، أن أربعة من شباب الربيع الإسلامي اجتهدوا في تأسيس منتدى ثقافي، سموه "منتدى الغرابة". يخصص إلى التفكر في ظاهرة الربيع، عبر ما تجود به القرائح من غرائب الأخبار المفيدة، وروائع القصص الهادفة. والغرض المطلوب من أنشطة المنتدى، هو الثورة على ثقافة التبعية والخمول، وانتقاء بذور ثقافة التميز والإبداع والسطوع. كان ذلك سنة 2056.
قال الفتى فبرايار، في بداية التأسيس للمنتدى: لقد رأينا أن تجربة شباب ثورة ربيع الشعوب، لا يمكن السمو بها إلا بعد تلقيحها وإثرائها وترشيدها بتجربة الشيوخ. لذا اقترحنا أن تخصص حلقة للاستماع للشيوخ، وأخرى للشباب، وحلقة لاستخلاص العبر، واكتشاف القوانين التي يستقر عليها النظر... وأخرى لمراجعة المقاربات وتصويب التسديدات، إلى أن ينجلي تلاقح الأفكار على خطط العمل القاصد لتجديد ثقافة السطوع والازدهار.
وبعدما استحسنت هذا الترتيب قلت لهم نعم الرأي رأيكم: جلسة كل أسبوع ولتكن ليلة الجمعة الأولى من كل شهر للشباب، وليلة الجمعة الثانية للشيوخ، وليلة الجمعة الثالثة لاستخلاص العبر وإعداد خطط العمل، وليلة الجمعة الرابعة للمراجعة والمقاربة والتسديد.
***
*

مرت مجالس الإنصات إلى بعض القصص عن بلاد "الأطلنتيد الجديدة" التي سميتها "مازغستان"، وعاصمتها "إغرم نواسيف"، أي "قلعة أم الربيع". و"أم الربيع" هو أعظم نهر في ولاية المغرب الأقصى من بلاد مازغ.
 ثم جاء موعد استخلاص العبر. فاقترح الشباب أن يفتتح الجلسة مقدم شيوخ منتدى الغرابة. فقدموني من أجل تقدم عمري على أعمارهم. فما حضر في ذهني لافتتاح "يوم استخلاص العبر" إلا هذه المقدمة التي أرجو أن تكون مفتاحا لفهم بعض خبايا المنتدى...
أهل المحبة بالأوطان قد شغفوا
أبدأ بحمد ربي الموفق لمحاسن الأقوال وصالح الأفعال وصفي الأحوال، والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه، اسمحوا لي يا شباب أن أحيطكم علما أنني في ما مضى من عمري، يسر الله لي من الأسباب المهنية والنضالية، ما جعلني كثير التنقل في جل أقاليم المغرب. أولا من أجل معالجة مشاكل استخلاف غاباته المتنوعة ومراعيه المختلفة. ثانيا من أجل الحفاظ على أراضيه الزراعية، ثالثا من أجل نشر الكلم الطيب بما يرضي الله ورسوله...

فشغفت بطبيعة هذا البلد المتنوع... إلى درجة الافتتان... فلربما سرح بي الهيام إلى تخيل سماع وحي الغابة... غابات السنديان بأنواعها، وغابات الأرز بجمالها، وغابات الصنوبر بأصنافها... وسهوب الحلفا الشاسعة... فكانت جولات ملهمة لدراسات مفيدة، تتجسد في مغارس في كل جهات القطر، من البسائط الساحلية الخصبة إلى الجبال الأطلسية والريفية المتوجة بغابات الأرز الخالدة، ومن مروج الحلفا الشرقية إلى القفار الجنوبية.
 أثناء الطريق كنت أسبح بحمد الخالق المبدع، وألتمس في عجائب صنع الحكيم العليم، سريان آيات الجمال والجلال. وأحلل وأركب تلك الكشوفات فتشحذ آلة التأمل. وهكذا ينجمع طريق الفكر وطريق الذكر في الإدراك، أشعر معه بأحوال السائحين المتقلبين في نعم التأمل والاعتبار. ويتجدد فهمي مع تجدد الأنفاس لقوله تعالى: {{ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد }} "فصلت 53".
وبلاد المغرب جمع الله لها من أشكال جمال الطبيعة الباعثة على الاعتبار ما يناسب كل الأذواق والأميال.
فمن وجد حنينا وعشقا للصحراء، كما باح به شعر ذي الرمة بعدما تراءت له كثبان الرمل كأجساد العذارى الناعمة، وشفاه العذارى كأزهار الرمال المحتشمة، وأنفاسهن كأنفاس الصحراء العطرة، فله ما يريد في جنوب البلد، وزيادة.
ومن افتتن بالجبل وقممه التي تنافس في العلو جهات السماء، فرآه تارة كأنه شيخ كبير على رأسه عمامة بيضاء يتحدث عن أحزانه وهمومه، أو رجل وقور رزين يفكر في العواقب طوال الليالي،  كما شعر به شاعر الطبيعة ابن خفاجة الأندلسي، وتارة كأنه فتى متكئ على ساعده تحت نقاب لطيف يخفي أعضاءه ولا يخفيها، كما ظهر لجبران خليل جبران من تحت أشعة القمر الفضية، فله ما طلب وأضعاف ذلك في هذا البلد. 
ولو رأى أديب لبنان أرز المغرب لصار حلمه بأرز بلده، الذي لم يبق إلا في خرقة الراية، حقيقة
تأسره بجمالها وشساعتها في جبال الريف الحارسة لثغور البحر الأبيض المتوسط المهددة بالغزاة. وكذلك في جبال الأطلس الشامخة التي تروي قصص المجد والخلود، وتذكر المار عبر أكنانها الموحشة وسراديقها العالية، وشعابها العميقة، تذكره بقوافل الأحرار الذين رفضوا الظلم، فاستجاروا بها، فحمتهم من  بأس الفجار.
ومن له ميل إلى البحر وأنغام أمواجه الأبدية، ورمال شواطئه الذهبية، فأي بديل ينسيه عذرية الشواطئ المتوسطية ومياهها الصافية الدافئة الهادئة... 
أو جلال بحر الظلمات الغضوب، الذي طالما حجب عن الأنظار ما هنالك من ورائه من أسرار. 
فما تغرب أحد عن هذا البلد الجميل إلا وسكنه الحنين إلى نجوده الخضراء، وهضابه المزهرة، وسهوله الخصبة، وأوديته المثمرة، وأنهاره الجارية... وما تغير الزمن على المهاجر أوتكدر، إلا وحن إلى أنفاس ربيع بلاده العطر، وإلى نشوة صيفها المحفز، وحميمية شتائها المؤلف بين الأحبة ، وثمار خريفها المعطاء...
أسرار تسمية "مازغستان" أو "الأطلنتيد الجديدة"
ربنا العليم، {{علم آدم الأسماء كلها}}. فكان ملهمي لما سميت المغرب الكبير اسما غريبا، من وحي الغابة. وأنا حر في ذلك ولا أطلب من أحد أن يشاركني فيه. وأعتبر ذلك من مظاهر السيادة على مخيالي، لا يستطيع  أحد أن ينازعني فيه... فهو اسم أطلقته على بلادي فجعلت منه اسما من جنس اسم "أطلنتيد" الذي نبت في مخيال القدامى ترويه أساطير الأولين.
ثم كان ملهمي من الدرجة الثانية في التسمية كتاب قرأته لمهندس للغابة فرنسي، سمع هو كذلك وحي الغابة المغربية لما افتتن بها... " بول بودي" وهو أول مهندس كلفه ليوطي ـ المستخلف الفرنسي الأول على المغرب ـ  بتأسيس إدارة المياه والغابات سنة 1912. فأنا الآن أحتفل بمرور قرن علي ذلك الحدث الذي تحفظه ذاكرة الغابة. وأمجد ذلك الرجل المصلح بطريقتي.
فلقد كان يسمي المغرب الكبير تسمية خاصة به: «  La Berberie ». أو بلاد البربر. دلالتها قريبة من دلالة تسميتي... ربما إنصافا منه لما عاين استماتة الأمازيغ في مقاومة الاستعمار الفرنسي والإسباني. ولا أظن أن العظماء من أمثاله كانوا يقصدون الوقيعة بين العرب والبربر بتلك التسمية...
وعند التدقيق في الأمر، {{إن هي إلا أسماء سميتموها}} ... وأطلقتموها على أرض الله الواسعة التي ليست ملكا لأحد، إلا لمن أقام العدل فيها وكان من الوارثين المصلحين. وهو عين فهمي لقوله تعالى: {{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }}. " هود: " 117 ". وإلا فلماذا يسميه البعض "المغرب العربي" في زمن صارت فيه الدولة العربية الهجينة لا تستحق الاستخلاف بسبب فسادها واستبدادها، وتفريطها في تطبيق قوانين الطبيعة وقوانين الشريعة...
حب الأوطان من الإيمان...
فلما اصطفيت لوطني ذلك الاسم الذي يربطه بدينه الذي يعصمه، وفصيلته التي تحميه، وأرضه التي تأويه، أحببته حب الوالد لبنيه...  فكان الحب هو المحرك لي في مذكراتي لبسط ما يؤلمني عند معاينة يد الفساد ممتدة جارحة تغير ملامح الجمال والجلال فيه. والإيمان هو المعيار للتمييز بين الحسن والقبيح في أداء الواجب نحو الوطن. لأن جل الناس يتزايدون في الدعوى، لكن تصاريفها هي الفيصل في ظهورها حبا خالصا، أو عقوقا بواحا، أو غدرا مبطنا. فمن كان حبه للوطن من أجل نهب خيراته، وحرمان الأجيال الحاضرة والقادمة منها، فالوطن يتبرأ من دعواه، والخلق شاهد على سوء ما اقترفت يداه. ومن عارض بسط عدل شرع الله فيه، استرضاء لأعداء الدين، أو موافقة لمرض في طبعه من استكبار وتنطع وإنكار لله ورسله وكتبه، فقد سارع في استمطار جفاف السماء وجفاء القلوب، وفي استجلاب أسباب قحط الفتن، وهلاك الحرث والنسل... ومن ادعى حب الوطن ولم تحدثه نفسه بمحاكاة المصلحين في تدبير عمارة الأرض، كما أراه في أمريكا الآن، فهذا ما كسب ذرة إيمان لأن أدنى درجات الإيمان إماطة الأذى عن الطريق...
وأذى الطريق موجود في الوطن الحبيب بكثرة! وبكافة أشكاله! وفي كل شبر من أراضيه وطرقه المكلومة بالنفايات والأزبال وحوادث السير! وفي كل حيز من أجوائه المخنوقة بالدخان والغبار! فمن يصدق أنهم هنا في كاليفورنيا المشابهة للبلد في مناخها وفي طبيعتها الخلابة، يستحيون أن تظهر للأرض عورة ترابها، وهي غير مكسية بشيء من النبات، أو القش، أو التبن، أو لحاء الشجر؟ ومن يصدق أن من يبول أو يلقي قمامة في العراء، أو يشعل نارا أو يرمي قطة في الخلاء ... يعاقب على سوء فعله عقابا يثنيه عن التكرار؟
وهنا يفهم سر استخلافهم، وزوال ملك من استخف بشرع يأمر فيما يأمر، بإماطة الأذى عن الطريق، وذلك أدنى درجات الإيمان... ولقد خاف على دينه الخليفة عمر رضي الله عنه، من تعثر البغلة في سكك اليمن الجبلية الوعرة. فكان عمر ملهما للشاعر في قوله:
تحيا بكم كل أرض تنزلون بها *** كأنكم في بقاع الأرض أمطار
 ولم يستحي وزراء العهد الكيراني، ولم يستقيلوا لما مات الناس بالآلاف في طرقات البوادي والمدن...
هجرة وآيات في الآفاق
ويوشك المرء هنا أن تحدثه نفسه بمراجعة مشروعة، في مفهوم الوطن، وأن يختار من أرض الله الواسعة أرضا لا يتأذى فيها النظر، بما يجلب للنفس الكدر، ولا يتعرض فيها إلى قهر البشر.
لكن سبل الهجرة الشرعية لا تفتح إلا بعد بذل الوسع في سبيل دفع الفساد، عن مرقد الأجداد، ومحضن الأولاد، ومرتع الأحباب، ومعقل الأصحاب، وملاذ الأحلام والذكريات.
من أجل ذلك بذلت ما في الوسع ولا أزال، في طريق مقاومة الفساد في البلاد. أولا مدة ربع قرن، من داخل الدولة العربية الهجينة. وهي الدولة التي باعت البلد للمستعمر في بداية القرن، ولا تزال على عهدها، وعلى وفائها في الولاء لدين العلمانية التلمودية المعطلة لقوانين الطبيعة ولقوانين الشريعة. فلما تيقنت من استحالة بعث شروط الاستخلاف فيها، عدلت عن النضال من داخلها، إلى النضال من خارجها مع التيار الإسلامي. ودام العمل مع الجماعة مدة ربع قرن أيضا، منذ سنوات التأسيس إلى أن شعرت أن الجماعة بدأت تجنح هي كذلك عن متطلبات الاستخلاف وشروطه. فبعثت برسالة ألتمس فيها البدار البدار إلى بعض المراجعات قبل فوات أوان تصحيح المسار. مما جاء في مقدمتها: ... منذ تاريخ 5 محرم 1425 الموافق 26 فبراير 2004 ، فَرَرْتُ مِنْ مؤسسات الجماعة لما خفت أن أكون سببا في خلخلة الانسجام الفكري بين الإخوة بعدما تبين لي وجود اختلاف جوهري في ثلاث مسائل مبدئية: مسألة عقلية تتعلق بالموقف الرسمي للجماعة مع النظرية العلمية، ومسألة إحسانية تخص التوجه عند الاستغاثة والدعاء، ومسألة عدلية تعالج بعض شروط الاستخلاف الأرضي. "
المسألة الثالثة هي التي أريد بسطها في هذه المقدمة، لما لها من مناسبة مع موضوعنا. قلت عنها... المسألة العدلية التي  "تفيد أن الأحكام العمرية بخصوص خراجية الأرض الزراعية في المغرب هي التي تنسجم مع القوانين العلمية في التدبير المستدام للثروات الطبيعية. وهي البداية الشرعية لرد المظالم التي اقترفت منذ الانكسار التاريخي الأموي، ثم كررتها بعض الدول الماضية والحاضرة في حق الأمازيغ، عندما جردتهم من أراضيهم بغير حق. حدث ذلك لما انتقضت عروة الأحكام الأصلية التي تقول بخصوص أراضي الفتح " تترك في يد مالكها وعليه حق الخراج، وإذا مات فإنها لا تورث إنما يضعها ولي الأمر تحت تصرف من يصلحها" وفي هذا سر عظيم لا يفطن له إلا ذوو الخبرة في التدبير المستدام للثروات الطبيعية: منع تفتت الأراضي وتقسيمها إلى مستوى اللامعاشي، أي مستوى تعطل الإنتاج بسبب صغر الأرض وعدم قدرتها على كفاية الورثة فتصير معطلة وتتصحر. وكل من عطل هذه الأحكام العمرية، إنما يريد تكريس الظلم المقترف في حق الأمازيغ المعدومين في المغرب.
ويكرس كذلك  الظلم المقترف في حق البيئة بعدم احترام قوانين الحفاظ عليها، فيظهر الفساد والتصحر في الأرض... ومن يتغاضي عن هذه الأمور، بقصد أو بغير قصد أو غفلة أو استغفالا، فهو يعطي لأعداء الأمة حقا قدريا لتأطير الدولة الحالية ويضيع على الحركة الإسلامية فرصة الاستخلاف الذي يرد الاعتبار لأبناء حام الأمازيغ، ويرد لهم مظالمهم.
فلما فشلت الحركة الإسلامية بدورها في إقامة الدولة الحامية التي أذن زمانها، ارتأيت أن أقيمها في عالم الخيال والترقب الاستشرافي، في انتظار انتقالها من قوة الخيال والتصور، إلى إرادة التخطيط والتأسيس على أرض الواقع... فكانت قصة ودار الزمان في بلاد مازغستان، وما بعدها من قصص الخيال الدونكيشوطي الذي يقصد شحذ الهمم. فيوشك أن يخرج من قوة قوانين الطبيعة دولة مستخلفة، يختارها الناس لجلب مصالح العدل،  ولدفع مفاسد الظلم.
إلى أن فاجأتني الأقدار بقيام تلك الدولة في ما وراء بحر الظلمات... نعم في أمريكا... تحت إمارة باراك بن الحسين !
ثم تجاوزت في الخيال دولة ابناء حام الأمريكية، وتطلعت إلى دولة حامية تقيمها قوانين الطبيعة، لكي تخدم  قوانين الشريعة، فيتحقق  العدل الشمولي الذي يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء. وترقبتها في حوض وادي النيل في ديار أولاد حام من النوبة والأقباط المسلمين والنصارى. ثم تصورت في عالم الخيال تسخير قوانين الطبيعة لخدمة قوانين الشريعة، عبر اكتشاف قوانين الطاقة المجانية، فيتحقق ما قررته قوانين الشريعة: "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار". والقصص الأخرى رصدت معالم تطبيق قوانين شرعية أخرى كإحياء حكم خراجية الأرض الزراعية، وأحكام مداخل ومصارف موارد الدولة والأفراد في المؤسسات الاجتماعية التي أنتم يا شباب الثورة تنشطون الآن في معامل واحدة منها: مؤسسة ابن السبيل.
فانظروا ياشباب كيف كانت البدايات، وكيف أشرقت النهايات. وأهل العرفان يقولون:   من صحت بدايته أشرقت نهايته”.  {{ ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير }}." النساء: 180".
استخلاص العبر
وبعد المقدمة انبرى الفتى فبرايار لتنظيم المناقشة لاستخلاص العبر، من القصص الماضية التي استمع لها الشباب في المنتدى، وكذلك من هذه المقدمة.
قال الفتى فبرايار: نحن الآن في هذا النصف الثاني للقرن الواحد والعشرين للميلاد، ننعم بالعيش السعيد الذي يغدقه الله على الخلق لما تنجمع عليهم خيرات الطبيعة والشريعة... في بداية ربيع الشعوب تفرق الأمر عند دولة أبناء حام. في مغربها الأمريكي توفر أحد شرطي الاستخلاف : تطبيق قوانين الطبيعة. فكان ما كان من أمر تحرير الطاقة المجانية لجميع خلق الله... وفي حوض النيل توفر الشرط الآخر: التطبيق المتدرج لقوانين الشريعة.
ولم يستقم الأمر إلا لما انجمع الشرطان، في إيران. وهي الخلافة على منهاج النبوة التي أقامها مهدي الزمان... الذي عم عدله مازغستان لهذا الزمان. وبحكم نظرية النفر الأربعة في تفسير التاريخ، لم يتأت ذلك إلا بعد الحروب النووية التي أشعلها دجال عصاة بني إسرائيل. وبعد تأديبهم على يد أبناء يافوت. تفاصيل ذلك الحدث لم تتطرق له بعد  قصص المنتدى...
وطلب الكلمة شاب من مدينة "أم الرمان" التي محاها السلطان من الأرض في المناطق الدلائية، قبل خمسة قرون، فلاحظ بدوره فضل الله الذي يسر انجماع شرطي الاستخلاف. فطوع طبيعة الاختلاف بوازع شريعة الأئتلاف، وسلك الناس مختصرا لطريق رفع المظالم  على الأمازيغ.
وتدخلت امرأة من أطلال الزاوية الدلائية،  فقالت : بعد فشل العهد الكيراني الذي لم يستطع تحقيق أي شرط من شروط الاستخلاف، فكان محسوبا على الدولة الفرنكوعربية الهجينة التي كانت صرحا لتجسيد الأهواء والأغراض في دولة المصالح، ولم تكن يوما دولة المبادئ الساعية لتدبير طبيعة الاختلاف، بشريعة الائتلاف الذي يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء... 


وربط مسير المجلس شاشة العرض عبر الشبكة العنكبوتية، بتدخل امرأة من الواحة الأمازيغية المصرية "سيوة"... قالت : لقد عقدنا أملا كبيرا في بداية ربيع أمازيغ المغرب الكبير، فضاع الأمل في البداية حين وضع أبناء يافوت التيار الإسلامي في الثلاجة التركية وفي مرصاد الناتو... فكان بناؤهم للدولة المسلمة، صرحا من هوى، فانهار وهوى، بسبب وضع أساسه على دين العلمانية المعطلة للشريعة. فكان الصرح كمثل تلك الشجرة الخبيثة التي ليس لها جذور تثبتها في الثرى، فاستحال ظهور الغصون المثمرة منها. قال سبحانه: {{ ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار }} " إبراهيم:24-26 ".
وربط الاتصال عبر الأقمار كذلك بشاب من نوبة السودان في مدينة دنقلا، كمل فكرة الأخت المصرية، فقال: نعم كان البناء في بدايته كمثل الصرح الذي قال عنه الشاعر، وتغنت به المغنية الحامية رحمة الله على الجميع:
يا فؤادي، رحم الله الهوى{{}} كان صرحا من خيال فهوى
اسقني واشرب على أطلاله{{}} وارو عني طالما الدمع روى.
فضحك الجميع من تدخل هذا النوبي الذي أتحف الحضور بألحان تلك الأغنية الخالدة لأم كلثوم رحمة الله عليها...
فلربما غار أحد الشباب على المجلس أن تستولي عليه مستدرجات الطبع الكثيف المستحلب بشجي الأنغام وسحر القوافي... فقال في نقطة نظام : فلما لم يستمع بنكيران لمواعظ القرآن، سجنه الله في صرح الهوى، فلبث في خدمة الدولة الفرنكوعربية الهجينة المتهاوية، كما لبث الجن في خدمة جثة سيدنا سليمان. وهو ما وعظنا به ربنا في قوله تعالى : {{ فَلَمَّا قَضَيْنَاعَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }} " سبأ: 14".
وربط مهندس الاتصال الشاشة بشاب من فرانكفورت كان من  أحفاد أبناء الريف الذين استوطنوا بلاد الجرمان، قال: لقد خاب ظننا في
العهد الكيراني لما تيقنا أنه هو وأعوانه إنما كانوا يجتهدون اجتهادا بليدا في إطالة عمر فساد واستبداد الدولة الفرنكوعربية، بإمضاء شراكات غريبة مع فرنسا تعطيها امتيازات ما أنزل الله بها من سلطان، تمنع على البلد أي نهضة ذاتية متحررة من الاستعمار القديم الجديد.
وتدخل شاب أمازغي يطلب العلم في مدينة شنغهاي في الصين فقال: تعجبنا هنا في الصين من تلك الصفقات الإجرامية التي أهداها المغرب لفرنسا قصد بناء ذلك النوع من الترامات التي هي من أسوأ الحلول للتنقل في المدن.
فتدخل أخ من بني ورياغل الريفية كان في الخدمة العسكرية في الخليج المتحرر وقال: لقد برروا تلك الصفقات التي يعاقب عليها الشرع، بقولهم إن فرنسا أقرضتهم المال الذي يمول تلك الصفقات. وهو عذر أكبر من زلة الربا وزلة الكذب. لأن تلك الأموال أصلها من أموال الشعوب المسلمة التي نهبها أمراء النفط ووضعوها في أبناك أوليائهم عصاة بني إسرائيل. من أجل ذلك أبادهم الله في الحروب النووية التي دارت رحاها بعيد الربيع الإسلامي، جزاءا وفاقا على تحالفهم مع من أشعلوها...    
وتكلم شيخ من جبال آيت عبيد الله، كان من المهاجرين القدامى إلى فرنسا فقال: لقد رثيت لحال بنكيران وهو في مذلة سجلها عليه التاريخ. رأيتها في نشرات الدعاية الكوبلية ـ نسبة إلى كوبل وزير الدعاية النازية ـ التي تصاحب تلك التدشينات المتواضعة في عهده المتخلف، رأيته في حفل تدشين ترام الدار البيضاء، يسير وراء الوزير الفرنسي كما يسير عبيد القصور، وينحني كما كان ينحني البصري من قبله، ولو لم ينظر إليه الوزير. ويتبنى تلك الخروقات القانونية التي سموها شراكات، يتم عبرها إسناد الصفقات الدسمة دون إخضاعها للتنافس الشفاف بين كل الشركات المحلية والإسلامية والدولية.
ثم ربط الخط العنكبوتي الظاهر على شاشة المنتدى مع شاب يتدرب على بناء القطار المغناطيسي في بلاد خراسان، فقال: لوأسندت في
زمانها تلك الصفقات إلى ماليزيا أو الصين أو كوريا أو خراسان لتم بناء الترام المعلق في عشرة  مدن مغربية بنفس الكلفة التي أنفقوها على ترام الرباط والدار البيضاء. ولكم في قصة مترو طهران الدليل على صحة قولي.
ونطق أمازيغي ريفي من ألمانيا فقال: أكيد أن الترام المعلق أو المترو ليست لهما تلك المساوئ والتعقيدات التي كانت للنوع الذي فرضه التخلف التكنولوجي الفرنسي على المغرب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وتناول الكلمة عبر الأقمار الصناعية شاب من أحفاد أمازيغ زاوية الشيخ، الذين هاجر أجدادهم في منتصف القرن الماضي إلى إقليم تولوز
في جنوب فرنسا، فقال: غريب أمر تلك البدعة التي سموها "اتفاقيات شراكة". وهو تغيير اسم كبيرة من الكبائر التي يجرمها الشرع، فيحللون عبرها العقود الربوية التي تأكل أموال الشعوب المسلمة بالباطل. ذلك لدفع ثمن الحماية الساري مفعولها منذ مفاوضات الاستقلال الصوري للدولة العربية الهجينة.
ثم اقترح الفتى فبرايار ختم المجلس لئلا يصعب على الشباب الاستيقاظ لصلاة الفجر فقال: أنتم تدركون الآن معاني الشراكة المعزة التي حققتها الدولة الحامية المسلمة... إخواننا الأمازيغ في بلاد المهجر، حققوا لنا ما لم تحققه الدول الهجينة البائدة. إنها تلك الشراكات التي تتم عبر تبادل منافع الطبيعة والشريعة. والثمار هي ما تشهدون من دخول الناس هناك في دين الله أفواجا، وظهور تشريعات لتنظيم المعاملات ولتوحيد القيم المقتبسة من شرائع الرسل صلوات الله عليهم وسلامه، في أحدث نسخة لها أنزلت على خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله المجددين وصحابته المخلصين وإخوانه المهتدين. ذلكم هو التعاون الذي أمرنا به ربنا في قوله تعالى: {{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ }}، المائدة: 2".
ولم ينزل بنو الأصفر عن كبريائهم وإستهزائهم بميراث النبوة الذي عرضناه عليهم في إطار الشراكة الحقيقية، إلا عندما أعرضنا عن بضاعتهم التكنولوجية، وعوضناها بالتكنولوجيا التي جاءتنا من الشرق : عطايا بدون شروط من علماء الثريا رضي الله عنهم. وكذلك لما تبنا من إبرام المعاملات المحرمة والصفقات الفاسدة مع الدول المتغطرسة التي تستخف بالرب ورسله وشرعته...
{{... ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }} "يوسف : 38".
{{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }}.  " الصافات: 180-182".

حرر بتاريخ 20 دجنبر 2012 موافق 7 صفر 1434
ساوث بند انديانا ـ و.م.أ.
محمد المهدي الحسني

ليست هناك تعليقات: