مغارة الجذب



  
الفتى فبرايار وأسرار
مغارة الجذب


حكايات من نسج الخيال

محمد المهدي الحسني
25 محرم 1434 موافق 9 دجنبر 2012






 

الفتى فبرايار وأسرار مغارة الجذب

حكايات من نسج الخيال

المحتوى :
جديد منتدى الغرابة
أسرار مغارة الجذب
مكابدة الكسب... وراحة الوهب
ثمار حسن الظن
خلوة وجلوة في كهف المجذوب
خيالات أوتاد وأبدال
مكاشفات في شاشة المجذوب
زيتونة لا شرقية ... ولا غربية
استعداد لمهمة عيون كولورادو
منتدى الغرابة والوعي الجديد
ثبات على الأصول




تنبيه:




من بلاد أبناء حام، سنة 2056 ! 
بعد ثورة الشعوب التي عمت العالم انطلاقا من تونس… 
حكايات من عوالم الشهادة، والخيال، والغيب، والبرازخ التي بينها، لا يقيدها عقال…
فمن ربط أحداثها أو أشخاصها بما هو موجود في الوجود، فليتحمل تبعات الجحود بتنزيه الخيال عن القيود والحدود…
ولقد رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الحالم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المتخيل حَتَّى يعقل”.






الفتى فبرايار وأسرار مغارة الجذب
حكايات من نسج الخيال





جديد منتدى الغرابة
جاء موعد الاستماع إلى قصص الفتى فبرايار مرة أخرى. مشيت قبل الوقت المحدد إلى منتدى الغرابة الذي أحدثه شباب مؤسسة ابن السبيل. لم استطع ولوجه من شدة زحام الزائرين، أقبلوا رغبة في سماع قصة الفتى فبرايار مع الوتد الرابع كما وعدهم. وهو الولي الذي يحفظ الله به مخلوقاته من جهة المغرب. والمغرب بلاد الأولياء. فله الهمة القاهرة، على الأوتاد الآخرين، نظرا لانقضاء فترة الأنبياء في المشرق، فلم يبق في الأرض إلا كرامة الأولياء. وأعظم كرامة عند المحققين، الاستقامة في العدل الشمولي المراعي لقوانين الطبيعة ولقوانين الشريعة.
 استقبلني الشباب وشقوا لي طريقا ميسرا، ثم أجلسوني في مقام المنابر المخصصة للشيوخ المتحابين في الله.  جازاهم الله خيرا على حسن ظنهم. أسر إلي الفتى فبرايار في فترة تقديمه للحضور من قبل المشرف على المجلس، أن الشباب حصلوا على توأمة منتدى الغرابة مع نوادي علمية في العالم الجديد وإيطاليا، كانت تناضل من أجل تحرير علوم  الطاقة من احتكار أبناء سام... ولم يكمل حديثه عن جديد ترتيبات منتدى الغرابة، فالأنظار متجهة الآن صوبه وقد حان وقت رواية قصته للجمهور الغفير من الشباب الواعى، أتوا من كل فج عميق من الجبال الأطلسية والريفية والنجود العليا.

أسرار مغارة الجذب

قال الفتى فبرايار، مستهلا قصته  بفواتح الحمد والثناء والمجد لله: أحمد القدير الخبير الذي ينفق من خزائن قدرته كيف يشاء على العالمين. يسر تحرير طاقته الكامنة في " زيتونة لا شرقية ولا غربية" من احتكار المحتكرين. ليشمل نفعها الخلق أجمعين. وأثني عليه ثناء المعترفين بجزيل منه على المستضعفين. المنزل بركات السماء والأرض على أهل القرى المؤمنين المتقين. وأمجده على جوده الفاتح لخزائن قوانين الطبيعة، والهادي لأسرار عدل الشريعة. وأصلي وأسلم على من اختصه الله سبحانه وتعالى بالرسالة الخاتمة، فبلغها فكان إمام المصلحين، وأصلي وأسلم على آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
تذكرون ما رويت لكم في آخر قصتي عن أسرار طلسم الغرقد، وعن الاستعداد لتلك المهمة الخطيرة التي تنتظرني في الخرائب الزيرية. هناك توقعت العثور على الوتد الرابع المالك للشطر الأخير من طلسم الغرقد، يحرر العرب من سحر عصاة بني إسرائيل الذين سخروهم في حروبهم النووية على المسلمين.
فاتبعت سبب الصندوق الرابع من الصناديق التي زودني بها مداوي الكلوم، خبير "مؤسسة الحزين" التي كنت مرتبطا بعقد الخدمة معها. طلبت من العفريت المحرر إفراقيش أن يأتيني به من البرزخ الذي خبأه فيه خوفا من سرقة عفاريت بني إسرائيل. فلما عالجته بمفاتيح الغيب، وجدت تفاصيل ما ينتظرني من أعمال في جهة المغرب. وعاها فهم إفراقيش عني مباشرة فأجابني دون أن أسأله فقال : نعم! لا !. فنظرت إليه مستفهما، فشرح موقفه المتناقض. قال : نعم للخدمة لكن لا لطريقة الخوارق. لقد تعطل فعلها وجاء دور استعمال العقل. قلت له ذلك ما صرحت به صحف الصندوق الرابع، ذكرتنا أن عصاة بني إسرائيل لن يقدر عليهم إلا من بسط الله له في العقل والطاقة. وهو عين الفهم لما سطر في القرآن الكريم : {{ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }} "البقرة؛ 247" واستطرد العفريت إفراقيش قائلا : من الآن فصاعدا يجري عليك حكم قوانين العقل والطبيعة، فإن أفلحت في تفجيرها فلك التمكين الفاسخ لسحر طلسم الغرقد. مهمة واحدة بقيت لك علي: أن أحملك بربع جناح العروج إلى مكان رجل مائدة سليمان التي نقش فيها سر الغرقد كما علمنا. وهناك ربما حصلت على التمكين الذي وهب الله سليمان من جهة العقل المتفجر من فتوحات {{ ففهمناها سليمان}} " 
قلت له: هيا بنا على بركة الله. وأسفت في خفي نفسي، كيف سأصبر على فراق صديقي العفريت الحامي إفراقيش، أو أستغني عن مساعدته خاصة في بلده مازغستان؟ هل هذا آخر عهدي بفتوحات الكرامات والخوارق؟، فأجابني وكأنه سمع هواجسي: إذن فلم تع ما جاء في الصحف الأولى المخبأة في الصندوق الرابع ! هيا بنا فلن يكون إلا ما يسرك إن شاء الله !..

مكابدة الكسب وراحة الوهب

فلما طرحني العفريت في النجود العليا قال لي ها أنت في بداية طريق مكابدة الكسب والعقل، وهو غير طريق الوهب والخوارق.  فاصبر وتجلد {{فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}}... والدربة تكون تفاصيلها عند ذلك المجذوب المهيم في الجبل المقنفد... وأشار إلى شبح يتنقل في شعاب سفح الجبل. 
تركني وحيدا مستوحشا لا ألوي على شيء. فلم أكن مخيرا في طلب شبح ذلك الرجل الذي أشار إليه. سرت تجاهه مهرولا حتى أدركته. سلمت عليه ورد بأحسن منها، ثم أسرع في مشيه وكأنه لم يعبأ بي، يتسلق أول عقبات الجبل. كابدت مشقة عظيمة في اقتفاء أثره إلى أعلى الجبل الذي يأويه في مغارة معلقة بين السماء والأرض. لم أبلغها إلا بعد تعلق بالسلاسل والسلاليم والحبال، يصعب النظر معها إلى موقع الرجلين، على شفا هاوية ترتعد لها الفرائص والأحشاء تكاد تنفطر!
ولما وصلت إلى الكهف الذي يشرف على سهوب الحلفا الشاسعة بعد مخاطرة التسلق، استحوذ علي رعب الرجوع، ولم يسكن إلا عند نزول المجذوب من مغارة صغيرة توجد في سقف الكهف على علو كبير، عبر سلاليم رقيقة يصعب تخيل استعمالها، بينما المجذوب الكهل يسلكها في خفة متوازنة ورشاقة عجيبة.
وتتنزل الراحة في ظل الكهف الكثيف، وتهدأ أنفاس العناء رويدا رويدا، عند عبارات ترحاب المجذوب، وتفضله بما وجد من مأكل ومشروب، وتعم السكينة لما يستغرق في كلام أولياء الله الصالحين... فيحكي قصته التي هي أغرب من خيال، ويستدرجني للكلام دون حرج. فسألته: "لم لم تتخذ سكنا بين الناس، وزوجا تساعدك على العيش؟ فأجابني  قائلا: أنا لا أكره ذلك، لكن ربي حبسني فلا أطيق حياة غير هذه، ولقد أراني الله موقعي هذا وحياتي فيه، وأنا شاب في بلدي عند ضاحية بني ملال الهلالية. فسافرت هائما أبحث عن الموقع الذي أراني الله صورته. فشرقت إلى أن وصلت مصر، وغربت إلى السوس الأقصى مرارا، إلى أن وجدته بأوصافه في هذا المكان. فأنا مطمئن فيه إلى أن يأذن الله بأمره." فسكت، وأطرق، وغارت عيناه في حفرتين من الكآبة  الموجعة. وتبعته في سكوته العميق الذي ضاع  صداه الصامت في ثنايا الكهف الشاسع، وبين ظلاله الغامضة. ويحدث أنس غريب بالسكوت، لأن في مثل هذا الوقت الكثيف، يفقد الشعور الوجودي المطلق من أسراره ومعانيه عندما يراد تقييده بالعبارة، أو تشويشه بسوء الأدب...

ثمار حسن الظن

أتتني مسرعة ثمرة حسن التأدب مع أولياء الله. تفهيم مباشر من المجذوب الصامت... يقول مفصحا عما يشغل عقلي: أنت في طلب رجل مائدة سليمان الذهبية مثلما طلبتها القبيلة الهلالية التي أنتمي إليها. أخبرتها الجن أثناء تغريبتها مع جازية بنت منصور، القاطعة لسبعة بحور، على ظهور النسور، بوجودها هنا في المدافن الزيرية. والجبل يضم بين أكنانه خرائب قديمة، تروج حولها الأساطير. يقال إنها مقابر الملوك الزيريين ومدفن كنوزهم. والدولة الزيرية دولة أمازيغية حامية انشقت عن الفاطميين، وأرجعت ولاءها للعباسيين الذين كانوا يمثلون ما بقي من الخلافة الشرعية للمسلمين. وكانت عاصمتهم مدينة وجدة القريبة من هذا الجبل.  وكأن الجن حراس الكنوز قد أبقوا المكان محجوباً عن أنظار أهل الفضول، ليجعلوه راحة للسائحين، وخلوة لنفوس المستوحشين السائمين من تكاليف الحياة وشرور البشر.
ثم بعد ساعة موحشة من السكون العميق، قال المجذوب: كنت أنتظرك منذ زمان. والعبد الصالح ينتظرك أيضا. وسيزودك بما يساعدك في سعيك بعد خلوة عشرة أيام، لا تخرج أثناءها عن حدود قمة الجبل. ولربما حضر مع العبد الصالح، وتد المغرب في اللقاء الذي يجمعنا قرب العين الغائرة في سفح الجبل، في الرابع عشر من كل شهر قمري.

خلوة وجلوة في كهف المجذوب

قلت في نفسي: لا بأس، لا تزال الخوارق تؤيدني. لولا أن أعفاني المجذوب من شدائد التكسب والمجاهدة في الخلوة فإنني صاحب جلوة. أو عوضها لي بالهجرة والسياحة في أرض الله، فإني أعدل عن آيات النفس الأمارة، إلى آيات الآفاق في الدوران مع الحق حيث دار. ذلك فهمي لقوله تعالى: {{ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد}} (فصلت 53). لكن، في كل خير، سيجدني المجذوب إن شاء اللّه صابرا، ولا أعصي له أمرا.
مرت أيام وليالي الخلوة بسرعة يوم أو بعض يوم. خرقت فيها عوائد الأكل والشرب والنوم. أكتفي في ليلي بسبع سفات من دقيق خلط فيه المجذوب سبعة أنواع من بقول الطبيعية. وجرعات من ماء الطل الذي يرشح من صخور عالية لا تنظر إليها الشمس. تمر الساعات في الصلوات والصوم، عن الكلام والطعام والمنام. استقبال القبلة والذكر الصامت والتفكر العميق. تتخللها لحظات من غشيان النعاس الرفيق، تتبعها صحوة كأن الليل مر كله في النوم العميق. حتى إذا أقبل وقت الأصيل، وحنت الأطيار إلى أوكارها، ارتفعت الأصوات بتسبيحها، تردده الأصداء من أعالي القمم الشامخة، وأغوار الأكنان العميقة، وصفائح الحيطان الصخرية. فكأن ذرات الكون وأجرامه وأفلاكه تدعوك للاحتفال معها في أعراس الأرواح المهيمة في تجليات الجمال والجلال والقدرة. ولو لم يكن مع تلك الأحوال ألطاف التدرج  وعدم الفجأة، لاستقر حال الهيام أو الفناء بسبب قوة تلك التجليات. وذلك هو الجذب.
ولربما ما قاله ديكارت "أعقل إذن أنا موجود" يقارب بلغة العصر هذا الذي أقول. أو بعبارة أخرى العقل هو بمثابة القوة الجاذبة التي تمسك الذرات أو الأجرام في أفلاك سبحها. فلولا القوة الجاذبة، لجنحت الأنوار والذرات والأجرام عن أفلاكها، ولم يبق للخلق تماسك ولا وجود.

خيالات أوتاد وأبدال

فلما كانت ليلة الرابع عشر من الشهر، أمرني المجذوب بالاستعداد للنزول. تذكرت مخاطر المنحدرات السحيقة في حافات جدران الصخور الشاهقة. فأصابني الهلع. فقال لي: لا تخف! ضوء القمر، وشيء من الصقيع، سوف يساعدانك على الحذر من الانزلاق، فثبت القدم قبل الحركة ! وتقدم على بركة الله وحفظه ! وكان الأمر كما قال، ميسرا محفوفا بحفظ الله، وهو حفظ من قبيل خرق العادة، لأن الطريق سلوكه من قبيل الانتحار في وضوح النهار، فما ظنك إن كان التماسه في ظلمة الليل، والصقيع يسربل الأحجار والأشجار بلباس شفاف غدار.
تنفست الصعداء لما بلغنا السفح قرب العين الغائرة. والتقينا الرجلين. وسلمنا عليهما فردا بأحسن منها. تفحصت على ضوء القمر الوجوه، فتغشاني حال حياء كاد أن يدخلني التراب.
 شبه لي أحدهما بمداوي الكلوم الذي صحبني في مدينة دمياط المصرية . فقلت في نفسي لما شعرت كأنه نكرني: أنا عبد كثير الذنوب، لا أستحق الجلوس مع من له قرب وحضرة مع عالم السر والنجوى. أطرقت نظري ولم أستطع إرجاع البصر كرتين للتحقق من هوية الرجل الذي ربما اطلعه الله على سوء حالي، فهوالآن ربما يمقتني، {{ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}} ( يوسف ؛ 53 ).
لكن سرعان ما انفرج همي. وزال غمي، ورفع عني الحرج لما تكلم الرجل الآخر. قال نحن ننوب عن العبد الصالح وعن وتد المغرب، فهما في تدبير أمر مع وتد المشرق عند مجمع اليومين في جزيرة اسمها زيلندة. ولقد كلفونا بتبليغك شرطين اثنين لكي تحصل يا أيها الفتى على الرمز المنقوش في رجل مائدة سليمان الذهبية.
الشرط الأول، أن تأتينا بوزنها من ذهب الخيمياء الجديدة التي أظهر الله علومها على يد علماء الثريا في بلاد فارس. تأييدا منه للعجم الظاهر أمر مهديهم انطلاقا من تحالف أولاد حام في العالم معهم.
والشرط الثاني، أن تحرر الطاقة من أسر أولاد سام، من الأعراب النواصب وعصاة بني إسرائيل. لكي يضمحل شأن تجبرهم وفسادهم، فتهدأ حروبهم النووية على المسلمين، وتنمحي قروضهم الربوية واحتكارهم لثروات الكون.
ولقد كان العفريت مانع الكنوز، والعفريت مانع العلوم يريدان إدراج شرط ثالث للحصول على الرمز المنقوش على رجل المائدة الذهبية: شرط تحديد زمن المهمة. إلا أننا أقنعناهما بالعدول عن ذلك، لأننا لم نختبر بعد حزمك في طلب المأمول.
الله أعلم كيف ستحصل على الخيمياء الجديدة لكفاية الناس من حاجتهم إلى ذهب التعامل النقدي، عوض التعامل الجائر بالدولار. وقد وجهنا همتك إلى خيمياء جابر ابن حيان، وظاهرة الاستحالة النووية الباردة فافهم!
الله أعلم كيف سترشدهم إلى الطاقة النظيفة، عوض طاقة ابناء سام الباهظة الثمن الملوثة للبيئة، وقد أشرنا عليك باستحضار روح "تسلا" صاحب منارة البروق الخارقة فالزم !
رميناك على طريق كنوز طاقة الهباء النترونية التي طمرها عصاة بني إسرائيل في قبر العالم "تسلا".
وحفزنا همتك لاكتشاف أسرار الاستحالات النووية الباردة التي حاول الصهاينة إخفاء أمرها. لم يعلموا أن فعلهم هو من مكر الله الخفي، فهو الذي حرمها عليهم أربعين سنة.  يصرفهم الخبير الحكيم بواسطة مانع العلوم عن الاهتمام بها، بتسليط غرائز الاحتكار عليهم، فلا يستسيغون أن تظهر في العالم طاقة حرة مجانية، خارجة عن سيطرة أبناكهم الربوية،  أومخالفة لقوانينهم التجارية. وأصل كل ذلك تعطيلهم للشريعة التي من قوانينها ما عبر عنه الحديث الصحيح: "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار".

مكاشفات على شاشة الخيال

فلما شعر مجذوب المغارة أن إدراكي لما يشرحان فيه غبش أعتم من الليل، وبه دخن أوضح من النهار، صفق بيديه وضحك مقهقها حتى ظهرت نواجده. تيقنت أن الطرد من الحضرة سيكون نصيبه، جزاءا وفاقا على ما ظهر منه من سوء أدب أمام من هم أكبر منه شأنا في الولاية. لكن يا للغرابة، لاشيء من ذلك حدث... فقلت في نفسي إن القلم مرفوع عن المجذوب، فكان ذلك هو حصنه من الطرد. لكن الحقيقة غير ذلك.
قال لي المجذوب بعد اختفاء معالم ضحكته ورجوع رسوم الكآبة إلى غور مقلتيه: ويحك ألم تر ما هو واقع في الحدثان؟ أنظر لكي تصحح الفهم، فينعقد العزم، وتقتصد في الحزم، والاقتصاد في الحزم راحة من تكلف ما الله قد تكفل به لعباده... فأشار إلى جدار الجبل الشاهق فانتقش صورة، ما حاول الرجلان تفسيره لفظا في مهمتي.
قال لي المجذوب: ليكن منطلقك من نظرية تكرار أثر الأربعة نفر. وقس عليها لفهم ما ستستقبل من قدر. حقق النظر! من هو ذلك الرجل الذي يمسك القوارير؟  قلت له لا أدري. قال : إنه روح  جابر بن حيان: أعظم عالم في قوانين الطبيعة في الكيمياء والخيمياء التي تصنع الذهب بعد معالجة المعادن الرخيصة من الأمراض التي تعتريها. لقد أيد الله به الدولة العباسية في بداية ظهورها على دولة الأعراب النواصب الأمويين، لعن الله زيدهم قاتل الحسين. ولقد أخذ علم الكيمياء عن جعفر الصادق رضي الله عنه.
ثم ظهرت على الشاشة العظيمة صورة جماعة من علماء فارس وخراسان... فقال المجذوب: جابر ابن حيان الخرساني المسلم كان من علماء الثريا في بداية استخلاف العباسيين. وهؤلاء هم علماء الثريا لهذا العصر ولكل قرن علماؤه الذين وشحهم الرسول صلى الله عليه وسلم بوسام تمجيده في حديث علماء الثريا الصحيح الذي تعرفه، وقد كان أولهم الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه، أيد الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله في قصته الغريبة المعروفة. وعلماء الثريا لهذا العصر زادهم الله بسطة في العقل فراجعوا العلوم الطبيعية كلها، وحرروها من الإسرائيليات العنيفة السامة الملوثة للكون. ألم تعلم أن الطاقة الذرية التي عنف بها أينشطاين 
قرنه، وجدوا لها بديلا بعيدا عن  سموم الإشعاعات وعنف الانفجارات؟ لقد أخذوا تلك التنقيحات والمراجعات  الجديدة عن ثلة من العلماء الذين كان بنو إسرائيل يسفكون دماءهم أو ينفونهم أو يسجنونهم كلما وجدوا اختراعا جديدا بديلا عن العلوم التي يحتكرون.  ولقد راجع بمرونة وذكاء علماء الثريا برنامج إيران النووي، فنبذوا ما كان يمن به عليهم علماء بني إسرائيل. وآووا كل عالم مهمش مقهور يعاني من ظلم أو تهديد عصاة بني إسرائيل. فنجحوا في استخراج الطاقة النووية بأساليب اللطافة الباردة، لا بأساليب الكثافة العنيفة.  وصدق رسول الله عند انحيازه إلى جانب اللطف ونبذه للعنف. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه) رواه مسلم.
ثم أشار المجذوب قائلا : أنظر إلى تلك الصور التي تريك ما هو آت في الحدثان، بعدما تعرفت على أصل المدد الموهوب لعلماء الثريا، أنظر صور استعمال الطاقة المجانية للجميع. يستطيع كل رب منزل أو معمل أو حقل أو سيارة أو شاحنة أو قطار أو سفينة أو طائرة أن  يستعمل تفاعلات الاستحالات الباردة، للحصول على ما يحتاجه من الطاقة بدون ثمن. و ذلك هو الأسلوب الجديد، يسمونه في الفيزياء الجديدة ظاهرة الاستحالة النووية الباردة المصاحبة لعملية الالكتروليز المنتجة للهيدروجين والأكسوجين في ظروف الضغط والحرارة العادية، باستعمال محفزات معينة.
ثم زاد في تفسيره فقال: لما نبذ علماء الثريا برنامجهم الذري البدائي المكلف عن طريق تخصيب الأورانيوم، والطاقة الانشطارية، وقد حسدهم العالم عليه وأرادوا حرمانهم منه، ظلما وعدوانا، عوضهم الله بأحسن منه. إنها برامج الاستحالات النووية الباردة التي لا تنتج سموم الآشعاعات، وتفي بغرض استحضار الطاقة حسب المطلوب. وفوق ذلك، تنتج لهم ذلك الذهب الذي كان جابر بن حيان يبحث عنه بواسطة الأكاسير العجيبة في علوم الخيمياء الأسطورية. فما الخيمياء الآن محسوبة على الأساطير: مفاعل الالكتروليز البدائي صار منتجا للذهب عن طريق استحالة المعادن الرخيصة!!!
فإن كنت يا فتى من أهل العزم فلسوف تقتحم العقبات للوفاء بالشرط الأول فتحصل على لغز رجل مائدة سليمان الذهبية. وإن لم تقدر وقبعت في سجن ثقافة الانهزام، فلسوف تبلغ مسعى نيتك على كل حال، فإنما الأعمال بالنيات، ولكن عن طريق علماء الثريا. هؤلاء سيكون أجرهم مع الله مضاعفا. لقوله تعالى:  {{ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا }}. سورة النساء؛ 95 ". هذا للمزيد من التفهيم لمطالب الشرط الأول.
أما ما يتعلق بالتفهيم لمطالب الشرط الثاني، فأنت الآن تنظر إلى ذلك الرجل النحيف في شاشة العرض وهو يسوق سيارته الكهربائية في بداية القرن الماضي. إنه العالم البسني الأصل "تسلا". والرجل الواقف قرب نافذته يسأله عن سر سيارته التي لا تحدث صوتا ولا تخلف دخانا. تراه يقف بكل تواضع ويكشف للناس محرك سيارته. أبسط محرك على وجه الأرض. حتى الأطفال في العالم الثالث يمكنهم صناعته. أما تغذيته فهي التي ظهرت فيه عبقرية الرجل. إلى الدرجة التي قضت عليه بسبب تحالف المحتكرين المانعين عن الناس خيرات السماء والأرض، وتآمرهم عليه. فانتهى أمره في  غيابات التهميش والنكران، وسطا العسكر على أهم اختراعاته، وأخفوها في قماقم العصر الحديث، بعد تصنيفها من أسرار الدولة الصهيو إنجيلية. وهي الدولة  التي تخلص منها أولاد حام لهذا العهد في أمريكا. فهل سينفعون الناس بتطبيقات الطاقة المجانية المتوفرة، أم سيكونون من الفاشلين في دفع احتكار أولاد سام ؟
ذلك ما سنعلم عند انتهاء مهمة الرجل الصالح، مع وتد المغرب، ومع وتد المشرق، في بلاد مجمع اليومين في جزيرة زيلاندة.
ثم أنهى المجذوب عرضه على شاشة الجبل والناس نيام، فلم يكن في حسبان الخيال أن تشهد الأطلال الزيرية مثل ذاك المشهد الغريب.   

زيتونة لا شرقية ...ولا غربية

ثم تكلم الرجل الثالث الذي شبه لي بالشيخ السوسي مداوي الكلوم فقال: أما بالنسبة لك أيها الفتى اللبيب، فالنظر في أمرك اقتضى أن تكون خبيرا لمؤسسة الحزين التي ابتدأت معها العمل، وباحثا لها عن أسرار منارة "تسلا" في منابع كولورادو. فلربما سرى فيك طيف روح علي كرم الله وجهه، وجعفر الصادق رضي الله عنه،  فترشد الناس إلى ما في رقع الجفر من أسرار حول الهباء... وهو السر الذي كان يحرك القديس "تسلا"، في عيون كولورادو، حيث كان يجري أبحاثه حول طاقة النوترينو المنتشرة في أرجاء الكون.  إشعاعات الهباء {{ زيتونة لا شرقية ولا غربية }}، فتحت في الخلاء طاقة مظلمة، تتسامى عن المكان والزمان، تخترق الأجرام العظيمة ولو كانت في سمك وكثافة الثقب السوداء الماسكة لنور الفتونات...   وما هي مع عظمتها إلا نقطة من بحر قدرة الخالق عز وجل!
فما أن سمع المجذوب من مداوي الكلوم كلمة "نقطة"، حتى اعتراه حال أعجب وأغرب من الحال الذي بدأ به عرضه لصور الحدثان التي أتى بها من خيال اللوح المحفوظ. تصفيقات وشهقات وصيحات دوت لها أرجاء الجبل الشامخ وشعابه العميقة وسرادقه العالية، وترددت أصداؤها من كل جانب، فدامت فترة طويلة بعد سكون المجذوب. فعلمت أنه حال قوي غريب، لولاه لانفطرت مرارة هذا الرجل من فجأة تجليات نقطة من القدرة الربانية!

استعداد لمهمة عيون كولورادو

ثم انفض اللقاء مع أولياء الله في الأطلال الزيرية، بعد دعاء كفارة المجالس وغصات الوداع. ومضى كل إلى غايته، يمشي الهوينا على ضوء القمر. هذا في اتجاه الشمال. وذاك في اتجاه الجنوب. والآخر ولى وجهه قبل المشرق. فلما أردت أن أتبع المجذوب الذي آواني، أشار إلي بأصبعه ب"لا"! وكان الأصبع يشير كذلك إلى جهة الغرب. ففهمت.
وليت وجهي إذن قبل المغرب، وحال الرهبة يصحبني، أن يصدر مني ما يوجب السلب بعد العطاء. ولم أدر هل ذكرتني الأطلال، أم ألهمتني الأحوال،  مواساة الشاعر لما قال:
فَإِذا أَنْكَرَ خِلٌّ خِلَّهُ ....................... وَتَلاَقَيْنَا لِقَاءَ الغُرَبَاءْ
وَمَضَى كُلٌّ إِلَى غَايَتِهِ................... لاَ تَقُلْ شِئْنَا! فَإِنَّ الله شَاء
رُبَّمَا تَجْمَعُنَا أَقْدَارُنَا..................... ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَمَا عَزَّ الِّلقَاءْ
سرت هائما في سهوب الحلفا على ضوء القمر، القلب يسليني رأفة بحالي، والعقل يؤنبني تقريعا يوقظني . قال القلب: {{ وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }} . ثم نطق العقل بلسان الحال: بينما أنت تستعد لغلق باب الوهب والخوارق، وتتوثب لفتح باب الكسب واجتهاد العقل، ها هي الخوارق المستنيرة بالقرآن تتصدر طريق {{ ففهماها سليمان }}. التفهيم للعقل من الله لا منك يا مسكين... والوسيلة يختارها الله كذلك، فلا يبالي أن يسخر لها الغراب أو الهدهد أو المجذوب أو دابة الأرض... ألم تقرأ قول الله تعالى: {{ وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون}}" النمل 82" .
وهنا تذكرت ذلك الأمر الغريب الذي تعلمه خبراء في العلوم النووية ممن!? من الدجاجة!!نعم الدجاجة أقدرها الله على الخيمياء النووية. إنها تستطيع أن تحول عنصر السيليسيوم إلى عنصر الكالسيوم الضروري لصناعة قشرة بيضها، إذا حذفت التجربة الكالسيوم نهائيا من تغذيتها ومن البيئة المحيطة بها. وكذلك هو الحال عند بعض الكائنات المجهرية! فيا حسرة على العالمين، ما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا بها يستهزؤون!
ولم أرد أن أفتح الباب على مصراعيه لحديث العقل، لكنه أصر في شغبه وقال:  الآن أنت مطالب بتحديد مهام خدمتك القادمة "لمؤسسة الحزين". فلا ينفعها منك، ولا ينفعك منها إلا حركة الإبداع، ونبذ كسل الاتباع. فلقد انفطمت عن الرضاع. فارفع عنكما تهمة الرعاع... واستعد لتغريبة إلى منابع كولورادو،  في مهمتك المقبلة.



أما مهمتك الأولى فقد أنهيتها. ولم يبق لفسخ سحر الغرقد إلا القليل. الطاقة الجديدة بدأ إنتاجها الصناعي في بداية استخلاف أبناء حام في إيطاليا واليابان.

ولربما كان ذلك هو سر الرمز المنقوش في رجل مائدة سليمان. به يفسخ سحر الغرقد عندما يستغني العالم عن نفط الأعراب النواصب، وعن دولار أوليائهم عصاة بني إسرائيل... فيتحرر الناس من سطوتهم. ويتم التداول على الأيام بينهم وبين أبناء حام في مصر وبلاد مازغ، وأمريكا وحلفائهم الجدد في إيران والقارة الهندية. فتنطلق حضارة "الكرافين" عوض "السيليكون" والطاقة النووية الباردة وغيرها من الطاقات المجانية النظيفة، عوض الطاقة الذرية الانشطارية أو النووية الانصهارية العنيفة التي ضيعت أبحاث التحكم فيها ملايير الملايير من الدولارات مثل ما حدث لبرنامج "طوكاماك".

منتدى الغرابة والوعي الجديد

أراد  الفتى فبرايار الاستمرار في قصته، فارتأيت أن تكون استراحة، أنتهزها لكي أختبر وعي الشباب لما جاء في القصة، وللطفرات التي حدثت بعيد الربيع الإسلامي... فاستأذنت في سؤال، فأذن لي الفتى فبرايار. سألت الشباب : هل تدرون ما حدث لبرنامج طوكاماك؟
فسرني ما سمعت، كل من أخذ الكلمة للجواب كان في قمة الوعي والالتزام والعطاء المثمر... فهي إذن مبشرات خير، لأمة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله.
تكلم أحد الشباب فقال: هل تذكرون ذلك الاعتصام الذي قمنا به أمام مفاعل غابة المعمورة الانشطاري الذي تجاوزته الأيام، ومع ذلك كانوا يصرفون عليه أموالنا بدون جدوى؟ وهو قريب مما حدث لمفاعل "طوكاماك" الانصهاري في أمريكا. أراد العلماء الصهيوإنجيلون فرضه بلا مبرر، إلا بما كان يدر عليهم من ملايير الدولارات عبر برامج الأبحاث التي دامت عشرات السنين. رغم أن الانصهار البارد الذي لا تكلف تجاربه شيئا، قضى عليه علميا. لقد فعلنا أمام مفاعل المعمورة الخائن ما فعل شباب "احتلوا وول ستريت" في أمريكا بمفاعل طوكاماك.
وقال آخر: تذكرون أنهم قالوا لنا لا بد من إنتاج شيء من الإشعاعات منه لكي نداوي السرطان؟ وهنا ضحك الجميع لما ذكرهم شاب آخر كيف تم إقناعهم عن طريق تراجيديا هزلية حول السرطان أبدعها الكوميدي الفرنسي الحامي لأن أصله من الكاميرون يسمى " معطى الله "!!!
ثم تحدث شاب آخر فقال: لقد كان لنا في قصة فبرايار تذكرة بأصول الطفرات العلمية النوعية التي تنعم  البشرية الآن بخيراتها. وهي ثمرة العدل الذي ينشره مهدي الزمان... لما ينجح في تطبيق قوانين الطبيعة وقوانين الشريعة وهو العدل الشمولي. يخرج الرجل بزكاته فلا يجد من يقبلها منه، و تنام الشاة بجانب الذئب لا تخافه... وهو حالنا اليوم والحمد لله.
وتدخل آخر فقال:  ولم يحدث ذلك إلا بعدما ظهر للشباب أن الربيع العربي في بدايته كان مجرد وسيلة ماكرة لاختيار حكومات ضعيفة الخبرة. تتفانى في خدمة النظام العالمي القديم بزعامة أبناء سام، اليهود والعرب. أهم ما يطلب منها فتنجزه بسرعة: الزيادة في ثمن الطاقة، وتسريب ثروات الشعوب إلى الأبناك الربوية وإبعاد الشعوب عن التكنولوجيا بحجة الإرهاب. فلما جاءت الدولة الحامية تخلصت من طاقة الأعراب ومن ربا عصاة بني إسرائيل، فأيدها الله بتكنولوجيا الهيدروجين، فجرت عيونه مفاعلات الانصهار النووي البارد.
ونطقت فتاة من أقصى القاعة بكلام لم يسمع بوضوح بسبب ضوضاء عنفوان وحماس الشباب الناجح... 
حتى ناولوها المكروفون، فقالت: اسمحوا لي يا شباب النهضة المباركة. أريد  أن أذكركم  بالعدالة الربانية التي مكنت شباب مدينة" تنغير" من النجاح في استحداث ظروف الاستحالات النووية الباردة المنتجة للحرارة وللهيدروجين، باستعمال معادن جبالنا الثمينة، التي دام نهبها بواسطة شركات الدولة العربية الهجينة البائدة طيلة قرن العلمانية التلمودية... وهنا صفقت القاعة تصفيقا لما سمعوه من الفتاة، وهو يختزل مآسي ظلم مرير قاساه الأمازيغ في الجبال، بسبب مقاومتهم للاستعمار الفرنسي في القرن الماضي.
ونطقت فتاة آخرى من مدينة "إتزر" فقالت تتذكرون معاناة سكان الجبال والنجود العليا من البرد القارس   تحت ثلوج فصل الشتاء الطويل. ولا رحمة ولا شفقة من دولة العرب النفطية الهجينة... كانوا يبتهجون لمشاهدة حرق غابات أرزنا  الخالد كي نسخن البيوت ونعد الطعام. ولقد أشرفت جبالنا ومراعينا على التصحر لولا تأييد الله للدولة الحامية بالطاقة المجانية للجميع.



 وتناول الميكروفون شاب من مدينة "سلوان" فقال : في بداية أمر الطاقة المتحررة، قبل التمكن من استعمال معادن مناجمنا المنهوبة، لجأنا بمساعدة إخواننا أمازيغ الريف الذين هاجروا إلى بلاد الجرمان، إلى استعمال المعادن المحفزة التي توجد في عادمات الدخان، في السيارات التي يأتون بها من أوروبا، خاصة معدن البالاديوم، لكي نثبت تكرار تفاعلات الاستحالات النووية الباردة ...

ونطق شاب من مدينة "أغبالة" فقال هل تذكرون ما وقع للشاب الذي كان يضع لأصحاب سيارات النقل في مدينة "أغبالة" المهمشة، جهاز "بانتون" في محركاتهم من أجل إنتاج الهيدروجين وتوفير الطاقة النفطية؟ فضحك الجميع، لأنهم يعلمون ما وقع له مع مدير شركة أميرية لتوزيع البنزين...

فلما سرى حال الانبساط  بين الشباب، انتهزه مسير الملتقى لختم المجلس بشيء من المزاح المباح. فذكر " قصة الطيارة المغربية التي لا تطير في عهد بنكيران البائد "، وهي تراجيديا هزلية تلخص الدركات السفلى التي كانت تتبوؤها الجامعات التكنولوجية ومؤسسات البحث العلمي زمن الدولة العربية الهجينة. ظهر أمر تلك الطائرة في العام الذي بدأت صواريخ علماء الثريا تطرق أبواب حصون عصاة بني إسرائيل من غزة، مذكرة بما فعل سيدنا علي كرم الله وجهه بباب حصن بني قريظة.

ثبات على الأصول

وهكذا خلص المسير لمنتدى الغرابة إلى وضع قصة الفتى فبرايار في إطارها الرباني المذكر بفتوحات وخيرات السماء والأرض التي يسخرها الله لممثل المهدي عن طريق قوانين الطبيعة. إلى أن قال : ولربما سيتحفنا شيوخ الربيع الإسلامي في قصص مقبلة إن شاء الله، بإظهار تمام النعم المؤيدة للخليفة على الكون، عند تطبيق قوانين الشريعة في إنتاج وتوزيع ثروات أمنا الأرض، و"الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار" كما قرر الشرع. قصة فبرايار هي تعبير عن شركة النار، وهي الطاقة المجانية للجميع، وهي أهم عوامل الإنتاج. {{  والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار}} :" آل عمران؛ 13 " . وصل اللهم وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطاهرين وصحابته المكرمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حرر بتاريخ 25 محرم 1434 موافق 9 دجنبر 2012
ساوث باند ـ إندياناـ الولايات المتحدة
محمد المهدي الحسني

غلاف القصة

هذه القصة الخيالية تظهر تمام النعم المؤيدة للخليفة على الكون، عند تطبيق قوانين الشريعة في إنتاج وتوزيع ثروات أمنا الأرض، و"الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار" كما قرر الشرع. قصة فبرايار تعبير عن نضال لتحقيق شركة النار، وهي الطاقة المجانية للجميع، وهي أهم عوامل الإنتاج.


 

... ثم تكلم الرجل الثالث الذي شبه لي بالشيخ السوسي مداوي الكلوم فقال: أما بالنسبة لك أيها الفتى اللبيب، فالنظر في أمرك اقتضى أن تكون خبيرا لمؤسسة الحزين التي ابتدأت معها العمل، وباحثا لها عن أسرار منارة "تسلا" في منابع كولورادو. فلربما سرى فيك طيف روح علي كرم الله وجهه، وجعفر الصادق رضي الله عنه،  فترشد الناس إلى ما في رقع الجفر من أسرار حول الهباء... وهو السر الذي كان يحرك القديس "تسلا"، في عيون كولورادو، حيث كان يجري أبحاثه حول طاقة النوترينو المنتشرة في أرجاء الكون... 
كتبها  : محمد المهدي الحسني



في مدونته " نضال ضد الفساد "

ليست هناك تعليقات: