قصة تغريبة في بلاد الصخور الصفراء والعين الحامية


 غلاف بداية الكتاب

قصة
تغريبة في بلاد الصخور الصفراء والعين الحامية
حكايات من نسج الخيال


محمد المهدي الحسني
عاشوراء 1434  موافق نونبر 24 نونبر 2012










بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله


المحتوى:

-          تنبيه
-          منتدى الغرابة. 4
-          قصة التغريبة. 5
-          -      زاد الغريب. 5
-          -      الحدث الغريب. 6
-          -      ابتزاز غريب لأمير أعظم أمة. 8
-          -      رؤيا غريبة. 9
-          -      اتباع سبب غريب. 10
-          -      غرباء "حركة احتلوا" و"حماة الأرض" 14
-          -      العجز عن إدراك الإدراك إدراك ... غريب. 14


تنبيه:



من بلاد مازغستان، سنة 2056 ! 
بعد ثورة الشعوب التي عمت العالم انطلاقا من تونس… 
حكايات من عوالم الشهادة، والخيال، والغيب، والبرازخ التي بينها، لا يقيدها عقال…
فمن ربط أحداثها أو أشخاصها بما هو موجود في الوجود، فليتحمل تبعات الجحود بتنزيه الخيال عن القيود والحدود…
ولقد رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الحالم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المتخيل حَتَّى يعقل”.









بسم الله الرحمن الرحيم
قصة تغريبة في بلاد الصخور الصفراء والعين الحامية






في نهاية القصة الأخيرة، "قصة الفتى فبرايار وطلاسيم شجرة الغرقد" قلت للفتى: ...هل يمكن أن تلتقي قصتي وقصتك في الهضاب العليا في الخرائب الزيرية؟ فأجابني الفتى: ربما ليس ذلك صدفة أوعبثا، فكل صغيرة أو كبيرة في كتاب مرقوم، ولحكم محسوم، ليقضي الله أمرا كان مفعولا. وستنفك ـ والله أعلم ـ  عقدة الحكاية لما ننتهي من قص القصص كله،  لعلها تكون عبرة للعالمين، وما ذلك على الله بعزيز.

منتدى الغرابة


فلما كان لقاؤنا في الليلة التي تواعدنا عليها، استقبلني الفتى فبرايار بمدخل مؤسسة ابن السبيل. وكان قد استقر فيها لمدة مفتوحة يعمل في مصانعها العظيمة. وأطلعني بعد عبارات التحية والترحاب، على ترتيبات استحدثها شباب المأوى، انطلاقا من أواصر الحميمية والمودة التي نشأت خلال المجلس الأول. قرروا أن يجعلوا من المجلس منتدى ثقافي، سموه "منتدى الغرابة". تخصص فقراته إلى ما تجود به القرائح من غرائب الأخبار المفيدة، وروائع القصص الهادفة. والغرض المطلوب من أنشطة المنتدى، هو الثورة على ثقافة التبعية والخمول، وانتقاء بذور ثقافة التميز والسطوع.
قال الفتى مفسرا لهذا الترتيب: لقد رأينا أن تجربة شباب الثورة لا يمكن السمو بها إلا بعد تلقيحها وإثرائها وترشيدها بتجربة الشيوخ. لذا اقترحنا أن نستمع إليك هذه الحلقة، فتكون حلقة للشباب وأخرى للشيوخ. وحلقة لاستخلاص العبر، واكتشاف القوانين التي يستقر عليها النظر... وأخرى لمراجعة المقاربات وتصويب التسديدات، إلى أن يسفر الحوار على خطط العمل القاصد المثمر.
وبعدما استحسنت هذا الترتيب قلت لهم نعم الرأي رأيكم: جلسة كل أسبوع ولتكن ليلة الجمعة الأولى من كل شهر للشباب وليلة الجمعة الثانية من كل شهر للشيوخ وليلة الجمعة الثالثة لاستخلاص العبر وإعداد خطط العمل، وليلة الجمعة الرابعة للمراجعة والمقاربة والتسديد.

قصة التغريبة


فلما  استقر الجمع الكريم لسماع قصة من قصص الشيوخ، ذكرت لهم، بعد حمد الله الموفق لحصن الأذكار، والملهم لصائب الفكر والاعتبار، والصلاة والسلام على نبيه المختار، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار، ذكرت لهم ما فات أن قلته للفتى فبرايار… كانت لي سبع رحلات في بلاد المسلمين، وسبع رحلات في أرض الدعوة. والقصة الأولى التي قصصتها على فبرايار كانت في بلاد المسلمين "بلاد مازغ". والقصة التي حضرت في البال في هذا المجلس كانت في بلاد الدعوة، في البلاد الرحبة التي اكتشفت وراء بحر الظلمات. سميتها تمييزا عن الأسفار الآخرى : تغريبة في بلاد الصخور الصفراء والعين الحامية. وحضرت في ذهني هذه القصة بالذات لما لها من مناسبة بينها وبين ما حكاه فبرايار، حول أخبار العبيد الذين طمرهم يهود هلندة في سجن مدينة الطقوس المحرمة موكادير. وكذلك عن أخبار أحداث بلاد الشرق الإسلامي وأمر ظهور آل الحسين في تلك الديار، بعد تحالفهم مع أولاد حام في حوض النيل العظيم، من أجل رفع آثار الحرب النووية التي أوقدها عصاة بني إسرائيل بعيد الربيع العربي.
تركت بلاد المغرب الأقصى في بداية ربيع شبابه الثائر، متجها إلى ديار بني الأصفر في ولاية اسمها هنديانا، نسبة إلى الهنود الحمر، سكانها الأصليين. وقد حدث عندهم أمر غريب  لم يتوقعه أحد من أصحاب النظريات السوسيوليوجية أو الاستشرافية أو غيرهم من أهل النظر والحكمة.

-         زاد الغريب

 دامت الرحلة لقطع بحر الظلمات بواسطة الطائرة تسع ساعات. كنت أثناءها حريصا على الذكر، مسبحا بحمد الله في تلك الأجواء الفضائية الرحبة الرائعة، مستحضرا أهمية الذكر حسب الزمان والمكان. حيث يشتاق كل مكان لمرور ذاكر لله فوقه، يفرح ويشهد له بذلك يوم الحساب. ويعظم الأجر في وقت غفل عن ذكره الغافلون، فلا تكاد تجد بين المسافرين فردا يستحضر معاني التعظيم للرب الخالق لتلك الآفاق الفسيحة، المسير فيها للسحب المتراكمة جبالها بعضها فوق بعض، الممسك طبقات أجوائها الفسيحة، تشقها الطائرة المسخرة بأمر الله شقا... الشمس ترافقنا وترفض المغيب في أفق يهرب أمام الطائرة التي تسير بسرعة تقترب من سرعة دوران الأرض.
وتتخلل فترات الأذكار، أوقاتا أقرأ أثناءها فقرات في كتاب لحكيم مغربي، ظهر أمره في تلك المدة، يوضح للناس ما اختلفوا فيه من الحق. يحذر من الانبهار بحضارة العالم الجديد الذي سوف احط الرحال في ربوعه.  يفسر فيه أن أصحاب الحضارة الغربية العلمانية التي ترفض الوحي كمصدر رئيس من مصادر المعرفة، يدعون بذلك السمو بالعقل في ميادين الحكمة والعلم المجرد. وهم  في الحقيقة أهل دعوى، ليس لهم من الحكمة نصيب، إلا فيما تعلق بقوانين الله الطبيعية التي تخدم الوسائل. أما الغايات الوجودية والقيم والأخلاق واستشراف المستقبل انطلاقا من قوانين الاستخلاف، فيستحيل طلب الصواب في تلك الأمور لمن يرفض مصادر الوحي المحفوظة من تزوير عصاة بني إسرائيل.
وبقدر ما كانوا يستهزؤون من سنن الله وقوانينه المفصلة في كتابه المجيد، بقدر ما فشل نظرهم، وخابت توقعاتهم لما باغتتهم أحداث ثورات الربيع العربي، ولما فاجأهم حدث غريب نزل عليهم قدره كالصاعقة، فغدوا مبهوتين منبهرين لا يلوون على شيء.

-         الحدث الغريب

نعم كانت أول مرة يسري على أمريكا الشمالية قانون من قوانين الاستخلاف المتكررة في التاريخ.  لقد انتقل الملك عندهم إلى أولاد حام الذين أتوا بهم عبيدا قبل ثلاثة قرون!!!
وكان التمكين منذ ابتداء أمر هذه الأمة مستقرا في فروع بني الأصفر من ذرية يافوت من انجليز وجرمان وصقالبة وإفرنج ونرمان وغيرهم من الشعوب والقبائل التي هاجرت أو هجرت قسرا  من أوروبا إلى العالم الجديد بداية من القرن السابع عشر للميلاد. وكانوا أشد الناس عنصرية وزهوا بعرقهم القوقازي، خاصة تجاه بني حام السمر الذين جلبوهم قسرا من أفريقيا طيلة قرنين من ممارسة تجارة الرق المثلثية المعروفة. وقد ذكر لكم  فبرايار شيء من قصصها مع العفريت إفراقيش المنبعث في مدينة الطقوس المحرمة!!
فدل ذلك الحدث العجيب على عجز الناس عن التفلت من أحكام قوانين الله القدرية والشرعية والطبيعية. فما لهم من سبيل إلا التعرف عليها، ثم الخضوع لها وتطبيقها للسمو بالإنسانية في طريق التنمية البشرية المستدامة.
 فلما أصر عتاة المنكرين لقوانين الاستخلاف على سخريتهم منها، زادهم التفهيم الإلهي عبر آيات، لا ريب أنهم مازالوا عنها معرضين. فكان اسم ذلك الزعيم الذي اصطفاه الناس هناك مذكرا لهم بطاغية مصر الذي كان ثاني الساقطين من الجبابرة الأعراب الموالين للصهاينة.    
وكان اسم والده يذكر بآل الحسين الذين ظهر أمرهم في المشرق الإسلامي.
ويقرأ القارئ  قوله تعالى: {{ وتلك الأيام نداولها بين الناس}} فلا يسأل نفسه ومن هم هؤلاء الناس؟ وهل قصص القرآن ذكره ربنا في القرآن المجيد عبثا، ليستمع إليه الناس كما يستمعون للقاص في ساحة جامع الفناء، ثم ينفض الجمع دون أي اعتبار؟ من له فهم في الكتاب وفي علم الأنساب يعلم علم اليقين أن كلمة الناس هم أبناء نوح عليه السلام وهو أبو البشر الثاني.
فبعدما طغى أبناء سام من العرب واليهود في الأرض، وأكثروا فيها الفساد: من سفك للدماء بعد الربيع العربي والحروب النووية التي تبعته، ومن احتكار لثروات الكون، جاء دور أولاد حام في الاستخلاف. وهم الأحباش والنوبة ومازغ في الجهة الغربية والجنوبية من الأقاليم المعمورة.
وما وقع في أمريكا زمن سفري إليها كان من جنس ما حدث في بلاد مازغستان. وقد سبق أن حدث مرات ومرات في بلاد المسلمين. وما أشبه قصة كافور الإخشيدي وقصة الفاطميين والمرابطين والموحدين بقصة ابن الحسين الحامي الذي تبوأ عرش أمريكا أعظم دولة في العالم في بداية الفترة التي رافقت ثورات الربيع العربي.
نعم! أتى على الناس دور ابناء حام في تداول الأيام مع أبناء العم سام. ولم يكن ذلك مستساغا من لدن أولئك الذين يسيطر عليهم طبعهم المتشبت بالعصبية النتنة التي حرمتها الشرائع السماوية.
وقد سبقهم في ذلك الطبع الذميم أعراب من أمثال المتنبي. أردته عصبيته أسفل سافلين، فما شفعت له شاعريته الفذة في درء التبعات والنقم  المجازية على الكراهية والعنصرية المقيتة.
كان هجاء المتنبي لكافور يعبر عن عصبية أعرابية، ليست من أخلاق الإسلام في شيء، والإسلام منها براء لقوله تعالى {{ يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير }}، " الحجرات؛ 13".
ولم يمنع ذلك من تمجيد التاريخ لكافور الحبشي الحامي، ومن إظهار الأعرابي المتنبي كمرتزق فاشل لا يملك إلا بضاعة الهجاء يبتز بها العظماء. وكان جزاؤه عن عنصريته ودعوته للتنقيص من خلق الله، في هجائه الذي يعشقه الغاوون المفتخرون بنسبهم، وبتهتكهم وبهتانهم، كان جزاؤه أن قد قتله شعره مرتين جزاء وفاقا... ومن شعره الذي قتله، ذلك البيت المشهور في الفخر:
الخيل والليل والبيداء تعرفني{{}} والسيف والرمح والقرطاس والقلم
ويروى غير ذلك: أن قصيدة في الهجاء الفاحش هي التي قتلته والله أعلم. ونسأل الله أن يحفظنا من تبعات العصبية وغواية فحش اللسان.
وشتان ما بين عزة نفس كافور الحبشي، وبين خسة المتنبي العروبي الذي لم يرفعه نسبه لما أبطأ به عمله، تماما كما كان الحال زمن الربيع العربي بالنسبة لأمراء النفط الذين اعترفوا بكونهم نعاجا أمام الأسود الحسينيين الذين ساعدوا المقاومة الفلسطينية.
عن عزة نفس كافور يروي التاريخ أن " كافورا دخل مصر عبداً ليباع في سوق النخاسين. اشتراه الإخشيد أحد امراء مصر في القرن العاشر للميلاد،ورباه وأحسن تربيته، وعلمه أصول الجندية حتى صار فارساً مغواراً، ثم اعتقه وجعله من كبار قواده لما يمتلكه من شجاعة وحسن تدبير....ثم وزير... وبعد وفاة الأخشيدي تولى وزيره أبو المسك كافور الوصاية على ولديه الصغيرين، وأثبت مقدرة فى إدارة شئون البلاد والدفاع عنها ضد الأخطار التى تهددها. حافظ على وحدة مصر والشام وبلاد العرب، وامتد سلطان الدولة الإخشيدية إلى جبال طوروس، فى أقصى شمال الشام وصارت قوية الجانب يرهبها البيزنطيون.
وأبو المسك كافور هذا هو الذى خلع عليه الشاعرالمتنبى أجمل قصائد المدح، ثم عاد وهجاه بالقصيدة المشهورة بالبيت القائل:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه{{}}أن العبيد لأنجاس مناكيد
ولقد كان كافور شهمًا جيد السيرة. ويكفي ان نعرف أن الفاطميين كلما عزموا على غزو مصر تذكروا كافورا، فقالوا: لن نستطيع فتح مصر قبل زوال الحجر الأسود!! يعنون كافورا ! أما من ناحية الحكم بالعدل ففي أيامه لم يجد أصحاب الأموال من يقبل الزكاة منهم. وفي أيامه، حدث زلزال كبير في مصر، ودخل المتنبي عليه وقال قصيدة، منها بيت يخلد عدل كافور ومحبة الناس له :
ما زلزلت مصر من كيد ألم بها *** لكنها رقصت من عدلكم طرباَ

-         ابتزاز غريب لأمير أعظم أمة

وأعود إلى أخبار الأمير ابن الحسين حاكم أعظم دولة على وجه الأرض، بعد هذه السطور التي تروم دفع أي شبهة عنصرية عنا. وسيتبين أن مطلوبنا له مناسبة مع ما فعل مداوي الكلوم مع العبد إفراقيش في قصة طلاسيم الغرقد: نريد تحريره من ابتزاز يكبل حركته الإصلاحية تكبيلا...
لقد كان الأمير الحامي ابن الحسين من أشد الناس طلبا للعزة والحرية. ومن أجل ذلك كان له هاجس مسيطر، يؤرقه ولا يفارق باطنه، رغم ما يبديه ظاهره. والهاجس كانت تبثه كل الصحون والأقمار الصناعية التي تنقل الأخبار... إنه هاجس رغبته الشديدة في التحرر من ربق التبعية  لأولاد سام في مجال الطاقة، وفي مجال الدولار.
في مجال الطاقة كانت شركات النفط قد بنت تحالفا بين أمراء النفط الأعراب، وبين عصاة بني إسرائيل المسيطرين على الشركات النفطية والحربية. فكان ذلك مصدر ابتزاز لكل من يرتقي إلى الإمارة.
أما الابتزاز في مجال الدولار، فقد كان عصاة بني إسرائيل يسيطرون على  طبعه وتداوله بدون رقيب أو حسيب... ولم لا؟ ومؤسسة طبعه وتوزيعه هي مؤسسة مستقلة خارجة عن سلطة الدولة المركزية ولا تخضع إلى حكمها!!!
ويوفر ذلك الوضع الذي ما أنزل الله به من سلطان في أي شرعة، ظروف ابتزاز للرؤساء يصعب التفلت من أغلاله. وقد كان أمراء النفط الأعراب يشاركونهم في الجريمة دون علمهم، بسبب تضبع أصابهم، ربما مصدره كما جاء في قصة فبرايار، سحر معقود في شجرة الغرقد والله أعلم!. يوهمون الناس أن المقابل من الذهب لما يطبعون من ورق الدولار، موجود في خزائنهم. ولم تكن في تلك الخزائن سوى ودائع أمراء العرب الخائنين لأمانة شعوبهم!
فلا غرو أن يكون هاجس ابن الحسين زعيم أعظم دولة في الأرض، الانعتاق من ابتزازهم. مثله في ذلك مثل افراقيش الذي ذكر فبرايار في قصته، يريد أن يتحرر من قيود أولاد سام ومن شرك الركوع لغير الله.
والناس الذين اختاروه أميرا على البلاد، وأغلبهم من ولد حام الذين تناسلوا من العبيد الأفارقة، كانوا يعانون من ضيق في العيش، وأزمات في المأوى، وغلاء في الطاقة التي يستعملون في التدفئة والنقل. تسبب لهم فيها أبناء سام من العرب واليهود كما فسرنا. وكانوا فوق ذلك، يسيطرون على  إبداعات العلوم والتكنولوجيا، ويحتكرونها احتكارا يصعب معه أي سريان وتداول ينفع عيال الله من المستضعفين في الأرض، خاصة الابتكارات الجديدة التي وجدت حلولا رخيصة لمشكل الطاقة.

-         رؤيا غريبة

فلما علمت لهفة ابن الحسين في التحرر من تلك الأغلال، اتخذت سببا من ظاهر رؤيا رأيتها في أول يوم حططت بتلك البلاد رحالي، وعزمت على فعل شيء بنية دفع الابتزاز الحاصل من فساد أولاد سام. فإن قدر الله أن حالفه التوفيق، فسيكون نفع منجزاته التكنولوجية والتدبيرية، متعديا ليشمل عيال الله في جميع أقطار الأرض. ربما منجزات سوف تنسي حدث هبوط أول بشر على سطح القمر، وقد كان كذلك زمن تولية رجل صالح من أمراء الحزب الديموقراطي، اغتاله هؤلاء الذين يريدون ابتزاز ابن الحسين، حسب ما روته بعض الروايات، الله أعلم بصحتها.  
والرؤيا التي رأيت، ـ قولوا خيرا رأيت إن شاء الله أيها الشباب ـ رأيت كأنني كنت مع شاب مغربي في مكان من بلاد الهنود الحمر، ذي جبال وهضاب تشبه طبيعة ألاسكا، يشقها نهر غريب.



وقلت كأنني أعرفه، أنظروا إنه على خلاف الأنهار يجري من الجنوب إلى الشمال. ثم كأننا وجدنا في طريقنا قصرا عظيما بدون أي مالك ولا يحرسه أحد. فنزلنا فيه وأردت أخذ تحفة من تحفه، فقال لي الشاب المغربي هذا موجود بكثرة في أمريكا. لما خرجنا من القصر اعترضنا شاب نصراني، أتى ليرشدنا كيف نستعد لقضاء ليلة باردة في تلك الأصقاع، من لم يستعملها يوشك أن يموت من شدة البرودة. قال : إنني كلما حزني أمر، أرتعش وأنادي على شيخي فيأتيني بسرعة يدلني على الحل. اتجهنا خلفه نحو ذلك النهر الكبير، وظننا أنه يريد ضفة ذات أعشاب كثيفة ربما تقينا برد الليل الذي بدأ يخيم علينا سريعا. وبينما كنا مهرولين لتلك الوجهة، أشعرنا الشاب النصراني أن خطرا ما يوجد في قاع الوادي. فرجع القهقرى بسرعة فائقة وصعد إلى قمة جبل، فتبعناه في الصعود رغم أن العقبة صعبة كؤود، وسمعناه وقد سبقنا إلى مرتفع يقول: انظروا إلى ذلك العريش فستجدون هناك من ينصحكم لسبيل النجاة. فاتجهت صوب العريش، وهو عبارة عن سرير من أغصان الشجر. فاقتربت منه ووجدت فيه روح راقد على ظهره ينظر إلى السماء. فنظر إلى وقال لي: نعم أنا هو، اقترب مني، فتسلقت العريش وانغمست فيه، وقد تحول  دهنا ساخنا  سيقيني برودة تلك الليلة. وبعد انغماسي في الدهن، نزلت من العريش وأنا أقطر به. وفهمت أن قطرة واحدة من الدهن الذي يقطر مني كافية للنجاة من الصقيع. انتهت الرؤيا.
قلت في نفسي إن قطرة الدهن المنجية لهذا للأمير ابن الحسين من ابتزاز المحتكرين لأمور الطاقة، ربما وجدت مفتاح سرها في ذلك النهر الذي يجري من الجنوب إلى الشمال. وهو المقابل لنهر النيل العظيم الذي يحيي بلاد أولاد حام في مصر. فعقدت العزم على شد الرحال إلى منابع النهر الأحمر لمناسبة له مع نهر النيل.
لكن مداوي الكلوم سدد لي الوجهة في عالم الشهادة، وأشار إلى وجهة منابع الأنهار العظيمة في جبال الروكيز. وهي تأويل القمة التي هرولنا إليها في الرؤيا، هروبا من أدغال النهر الأحمر المخيفة.

-         اتباع سبب غريب

شددت الرحال إذن  إلى جبال المنابع الكبرى، وكان طيف مداوي الكلوم يرشدني في السير ليلا ونهارا، حتي بلغت محميات الصخور الصفراء، يسمونها بلسانهم Yellowstone.


دخلت بريتها المتوحشة عشية وأنا في غاية الاحتراس من وحوشها الكواسر، وبردها القارس. ترافقني أهلي في تلك المرحلة وبيدها دليل السفر، ومن لا دليل له يستند إلى معلومات تحديد الوجهة بالأقمار الصناعية، فلا سبيل له للخروج من المتاهات والمسالك الوعرة والغابات المضلة.


 فلما حل مغرب الشمس، وجدناها تغرب هناك في عين حامية لم يكن على وجه الأرض أغرب منها. بحيرات وبرك من كل ألوان الطيف، تفور وتغلي وتتفجر بالأبخرة والغازات الحارة. ومنها من له فوران دوري كل ربع ساعة تقريبا، ينطلق إلى عنان السماء عشرات الأمتار. ويبقى الفوران ثواني معدودات، ثم يهدأ بضع دقائق، وتتكرر الدورة هكذا دواليك على مر الأيام والسنين.


وصلنا إلى ملجإ قرب العيون البخارية الفائرة، وقلت لأهلي: إيتنا عشاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا!!. فقالت لي: إني نسيت الطعام قرب البركان الخامد، أنسانيه خوف من ثوران البركان المحتمل في أي وقت!!  وهي تقصد بقولها شيئا من المزاح المباح!






فتمثل لي الروح الملهم في باب الملجإ، لما قمت لأحضر الحقيبة المنسية قرب العين الحامية. وقال لي: لا تظهر أي عداء للدب الأسمر الضخم، فهو صاحب المكان وحارسه. وسر أمامي تجاه البركان سوف أظهر لك أمرا. فانطلقت صوب العيون المتفجرة. وهناك كشف لي الروح العظيم مفاتيح الغيب المتحكمة في الطاقة المحررة للأمير التي كنا نسعى في طلبها.

قال لي انظر إلى الدب العظيم المستكين إلى حرارة العيون، وهو في سلام ووئام تام مع الثيران والوعول والذئاب والطيور. لا عداء ولا صراع بينهم لوجود خيرات الطاقة والأكل الوافر هناك للجميع. فلا احتكار لخيرات الله إلا عند المغتصبين المرابين من أولاد سام المتبعين لدين العلمانية التلمودية المحللة للربا والاحتكار وأكل أموال الناس بالباطل.





ثم قال لي الروح الملهم الحكيم: قل للأمير المستخلف على الكون من أبناء حام: إن سر الطاقة والمعادن الثمينة الذي يغنيه عن الحاجة إلى أولاد سام، توجد تحت هذه العين الحامية. وهي حامية نسبة إلى حام، وهي حامية شديدة الحرارة ببخارها الذي يصعد إلى عنان السماء كل ربع  ساعة بانتظام عجيب لا يختلف في توقيته الدقيق.


ونحن ألسنا في طلب تلك الطاقة التي يتحكم فيه بانتظام وأمان؟ ثم قال مفسرا لألغازه التي يصعب تتبعها: إن هذه الجبال أرساها القادر المبدع عز وجل، على فوهة بركان مطمور من أخطر براكين الأرض. تتوثب الصهارة والغازات المضغوطة في أعماقه لإحداث متنفس يقلل من الضغط الهائل الذي يوشك أن يحدث انفجارا يضاهي انفجار جميع براكين أمريكا وجميع ما كدس الإنسان من قنابل نووية وغيرها من المتفجرات. لماذا؟ لأن خموده طال في الزمان حتى نسفت عوامل التعرية قمما عالية من الصهارة المتجمدة التي كانت تطمره مانعة كل انفجار. فلذلك يتوقع انفجار عظيم على المدى القريب جدا. والمطلوب هو تدبير عمل لا يقوى عليه إلا الجبابرة من أبناء يافوت الذين خصهم الخبير الحكيم بالمهارة التكنولوجية الفائقة. إنه تدبير متنفسات للوقاية من الانفجار، الذي يترقبه علماء البراكين ليل نهار، من خلال أجهزة الرصد الدقيق للزلازل والحرارة وارتفاع مستوى الأرض وتوسع شقوق الأحجار، وكذلك عن طريق تتبع غريب سلوك الدببة والأطيار، فإن الله وهبهم حاسة سادسة تتنبأ بثورات البركان قبل حدوثها بأيام.

والمطلوب كذلك، وهو ما ندندن حوله، استغلال المتنفسات المحدثة والتحكم فيها للحصول على  طاقة جوفية، تشغل آلاف التوربينات البخارية العملاقة المنتجة للكهرباء. هذه الطاقة النظيفة يسهل نقلها عبر شبكات الولايات لتلبية حاجيات شمال أمريكا برمتها، وربما عمت وفرتها بلاد كندا وبلاد المكسيك. وهي تكنولوجيا معروفة منذ القرن الماضي، لم يعطلها سوى تدخل الشركات النفطية التي يستغلها ويحتكرها أولاد سام. وقد كانوا من أشرس الناس تدخلا في الكنغريس والبرلمان وفي الإدارة الفدرالية، لإحباط كل الابتكارات المنتجة للطاقة النظيفة، لعدة أسباب ترجع كلها لطبع الاحتكار والسعي في الأرض فسادا وتلوثا في البر والبحر. وصدق ربنا الخبير في قوله تعالى:{{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }} "الروم: 41".

-         غرباء "حركة احتلوا" و"حماة الأرض"

قلت لطيف مداوي الكلوم الذي يرافقني: لقد أقنعتني بما ذكرت لي من مزايا تلك الطاقة الجوفية. وقد راعني وأحزنني ما رأيته من قبل في ولاية داكوتا من تخريب للبيئة بالاستغلال المفرط للفحم الحجري وما يخلفه من أضرار لأمنا الأرض. ويشاء الله أن يتكرر كمدي في كل يوم وكنت أقطن قرب محطة القطار الذي يوزع فحم داكوتا على الولايات الأخرى لتشغيل المحطات الحرارية المنتجة للكهرباء. وهو قطار رهيب طوله أكثر من خمسة كيلومترات، يزلزل الأرض وهو على بعد مرحلة من مراحل السكة.
ثم نقلت لمداوي الكلوم المزيد من تهممي لمشاكل البيئة قائلا: وكنت كذلك أأسف للتخريب الرهيب الذي يحدثه للبيئة أهل ولاية البيرطا في كندا القريبة من داكوتا. كانوا يسخرون الوسائل الضخمة والمعدات المعقدة التي تكلف الملايير من أجل استخراج النفط من الرمال التي تحتوي على شيء قليل من زيوته. يخربون آلاف الهكتارات من الغابات، ويعقمون الأراضي بالنفايات النفطية السامة، من أجل طاقة باهظة التكاليف. لماذا؟ لأنهم يسترزقون خاصة من التجهيزات التي يبيعونها للشركات المستغلة. وفي النهاية من يؤدي الثمن؟ ويسمن شركات التجهيز؟ المواطن طبعا الذي تصل له الطاقة وقد أدمج فيها كل تلك الصوائر. فشركات النفط هي تماما كشركات الإنتاج الحربي في فسادها وخبث نيتها. لا تريد طاقة رخيصة لأن ربحها مصدره الأهم هو بيع تجهيزات التنقيب. والشركات الحربية لا تريد سلما في العالم يعجل كساد صناعتهم.
وقد كان تكبيل ابن الحسين هو من جنس تكبيل تيارات "احتلو وال ستريت" وتيارات "حماية البيئة". وقد كان نضالهم خافتا أيام الربيع العربي... كانوا كالغرباء في المجتمع الأمريكي الذي تغسل دماغه طاحونة الإعلام أو قل إن شئت طاحونة الدعاية الصهيونية المبتزة.

-         العجز عن إدراك الإدراك إدراك ... غريب

وانتهيت في شكايتي إلى طيف الروح العظيم الذي يواسينى بالاستماع إلى هواجسي، قلت له: ما العمل يا سيدي مداوي الكلوم؟ كيف لي أن أؤثر على مجريات الأمور وقد تشعبت المصالح، وطال زمان الفساد، وقاست أمنا الأرض من ندوب الكلوم التي لن تعالج  بسهولة؟
قال لي هل تملك من الأمر إلا ما ملكه الله لمن سبق من المصلحين الذين يدفعون أذى المفسدين. إنهم قدوة كل قائم بالقسط شاهد في زمانه أمين. وأهم ما طبع بداية نضالهم ضد المفسدين، التبري من حولهم وقوتهم، والتيقن من أن الله لا يشرك في تدبيره للكون أحدا. ومن جملة تدبيره ما صرح به في كتابه المبين، قوله تعالى : {{ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ }} (البقرة: من الآية251 ). وكذلك قوله تعالى : {{ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}} (الحج:40-41)
ثم شرح لي إطلاق نية العمل ونسبية الإعداد والسبب، حسب الاستطاعة، قال: والمطلوب هو طرق باب الأسباب التي يضعها الحكيم على طريق كل معترف بالعجز، متبرئ من حوله وقوته، متحقق راسخ القدم في مقام "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، متفطن لآيات الله المعروضة في الزمان والمكان، يستمع إليها ويبصرها كأنها صرير الأقلام التي تكتب في اللوح المحفوظ  ما كان وما سيكون في الحدثان. وحتى الأسباب يسرها ربنا الحليم الرحيم فجعلها من جنس عمل {{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا }} " مريم ؛ 25".
ثم قال رضي الله عنه محمسا: ولقد كان لك أعمال ظننت أنها كانت تافهة لم يعبأ لها أحد، وأنت لا تعلم ما جرت من خير وما دفعت من شر... قدرها الله ونسبها إليك، فما كان ليشرك في تدبير ملكه أحدا. إنما ذلك ليجزيك على نيتك في السعي في الأرض إصلاحا. أما الذين يسعون في الأرض فسادا فلن يعجزوا الله، فهو الذي يملي لهم ليذوقوا وبال مكرهم في الدنيا قبل الآخرة. {{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}}." آل عمران؛ 139".
ثم قال لي مداوي الكلوم يريد فتح أبواب الأمل المحفز للعمل: مستحضرا المثل القائل "إذا ضاع الأمل بطل العمل"، تتذكر نداءك لحركة "احتلوا وول ستريت"؟ أنت ربما لا تعلم أن المدبر الخبير بعث من يبلغه إلى من يهمه الأمر؟ ولقد كان سببا لأمور كانت من قبيل الحرب التي أعلنها الله على المرابين... ليس الوقت وقت ذكرها.
ثم قال مذكرا بالقصد في العمل : أنت الآن في هذه الرحلة تتحرك بنية سبب يحرر الناس من فاقتهم للطاقة النظيفة الرخيصة. فهذا السبب الذي اتبعته يوشك أن يحدث طفرة نوعية في مصير البشرية. انتظر قليلا وسوف أكشف لك عجبا. لكن قبل ذلك، اسرع الآن إلى أهلك، فإنها في حالة من الخوف الشديد من الدب الحارس للعيون الحامية المتفجرة. والمسكين لا نية له في إذايتها. لكن، لا نريد أن يحدث كما وقع في قصة الدب الذي يريد أن يهش الذباب عن وجه صاحبه الذي رباه منذ الصغر، فضرب الذباب بعصى غليظة سقطط على وجه صاحبه فقضت عليه !!أسرع فمرارة زوجك تكاد تنفطر من الهلع!!
وهنا توقفت عن الحكاية لا أريد أن أشق على شباب مؤسسة ابن السبيل، وقد بدأوا نهارهم مباشرة بعد صلاة الفجر، في عملهم الشيق في مصنع المركبات الهيدروجينية. وعدتهم بإتمام الحكاية في حصة أخرى إن شاء الله وأبقاني حيا.
إنما أشرت لهم إشارة خفيفة للأمر الذي كشف لي عنه مداوي الكلوم في منتزه الصخور الصفراء. أمر يتعلق بالطفرة النوعية التي حدثت في العالم. بعد فك أسر رئيس أعظم أمة، ابن الحسين، من الفاقة إلى ما كان يحتكره عصاة أبناء سام. عرض لي الروح العظيم مداوي الكلوم، في شاشة الخيال نصبها أمام بخار العين الفوارة، عرض لي كل هذا الذي تتمتعون به الآن في حياتكم يا شباب الثورة، من فتوحات علمية وتكنولوجية، في عصر ثورة الكرافين والهيدروجين، وهي ثورة في مجال القوانين الطبيعية الميسرة للوسائل.
ملخصها تلك الطاقة المتوفرة لنا مجانا بلا حدود، يبعثها لنا آباؤنا العلويات، أوتحتضنها لنا أمهاتنا السفليات فافهموا.
فنطق الفتى فبرايار موضحا لمن استشكل عليه الأمر: ربما تقصد طاقة الشمس والرياح والقمر في المد والجزر، من جهة السماء، وتقصد طاقة الأرض الجوفية التي تزودنا بالكهرباء وكذلك الهيدروجين المحرك لطائرات وسيارات وقطارات هذا الزمان. قلت للفتى الالمعي: نعم وقد كان قبل ذلك، حتى الكلام عنها من المحرمات في فترة الربيع العربي، بسبب سيطرة أبناء سام على الابتكارات العلمية للاسباب التي ذكرت من قبل.
ولم يفت أحد الشباب أن يذكر بأمر غريب حدث في بلاد المغرب زمن الربيع العربي. قال: في بداية ثورة الشباب، كان من المحرمات في المغرب أن يتكلم الناس على طاقات أمهاتنا السفليات، من طاقة جوفية ويورانيوم الفسفاط. تعلمون لماذا؟ ولم ينتظر الجواب، لما رأى علامات الاستفهام تستقطب الجباه. قال لأن حامات فاس في عيون "مولاي يعقوب" و"سيدي حرزهم" و"عين الله"، كانت تسيطر عليها معاهدات إيكس ليبان. واسألوا عن ذلك أبناء المهندس بن الصديق الذي أعتقه الله من كفر الركوع لغير الله. أما حامات تازمامارت في الأطلس الكبير، فصداع صدعها الجيولوجي الإفريقي، ونواح أرواح المساجين المطمورين في سجنها الرهيب، هما الذان أخرا استغلالها كطاقة جوفية تنمي بلاد مازغ، فكانت هي أول ما دشنته الدولة الحامية في بلاد مازغستان. وقد قيل في المثل "إن كنت في المغرب فلا تستغرب" إذا منعت الدولة العربية الهجينة التمكين التكنولوجي للمسلمين !!!
فتبسم الفتية من قوله، وأدركت إثر ذلك أن الشباب أصبح واعيا والحمد لله. لذلك كانت جديته عالية في العمل المثمر، في مصانع إنتاج الهيدروجين من الماء ومن الطاقة الكهربائية المجانية ومن طحالب البحر وغيرها. كانت جديته لا تضاهيها إلا جدية "علماء الثريا" المساندين لثورة آل الحسين، الذين فجروا حضارة الكرافين في المشرق.[1] ولقد كانت ثورة في مجال القوانين الطبيعية. وهي ثورة في  وسائل تسخير الكون للإنسانية، عضض الله بها ثورة في مجال القوانين التشريعية التي تتحكم في الغايات الوجودية. مما أفضى إلى زوال العلمانية التلمودية، حكم بها العالم عصاة بني إسرائيل، حكما فاسدا ظالما معطلا لشرع الرسل. فكانت نهايتها بنهاية الحرب النووية التي أوقدوها في بداية ثورات الربيع الإسلامي. {{..وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }}، "يوسف؛ 21".   {{ سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين}}. "الصافات: 180 ـ 182" .
يتبع…

ساوث باند، إنديانا
بتاريخ عاشوراء محرم 1434 الموافق 24 نونبر 2012
محمد المهدي الحسني






هذه القصة الخيالية تبشر بغد مشرق تحت حكم أولاد حام، بعد نهاية الدولة العربية الهجينة التي نصبها أعداء الآسلام في بداية القرن الماضي.



....  إنما أشرت لهم إشارة خفيفة للأمر الذي كشف لي عنه مداوي الكلوم في منتزه الصخور الصفراء. أمر يتعلق بالطفرة النوعية التي حدثت في العالم. بعد فك أسر رئيس أعظم أمة، ابن الحسين، من الفاقة إلى ما كان يحتكره عصاة أبناء سام. عرض لي الروح العظيم مداوي الكلوم، في شاشة الخيال نصبها أمام بخار العين الفوارة، عرض لي كل هذا الذي تتمتعون به الآن في حياتكم يا شباب الثورة، من فتوحات علمية وتكنولوجية، في عصر ثورة الكرافين والهيدروجين، وهي ثورة في مجال القوانين الطبيعية الميسرة للوسائل...



كتبها  : محمد المهدي الحسني

في مدونته " نضال ضد الفساد "











غلاف نهاية الكتاب






[1]  كتبت هذه السطور في يوم  عيد الشكر في أمريكا لسنة 2012 صادف انتصار المقاومة في غزة، تبث فيه وسائل الإعلام شكر المسلمين لدولة إيران لما قدمته من مساعدات لتكف إذاية الصهاينة على أهل غزة المستضعفين. فصادف عيد شكر الأمريكان عيد شكر غزة لإيران على نصرة المقاومة الفلسطينية ، ويستعد العالم غدا للاحتفال بذكرى عاشوراء، وتلك آيات لمن يعتبر. بينما أمراء النفط يسخرون المكفرين لأهل القبلة لتفجير أجسادهم بين زوار الحسينيات في العالم. ضل سعيهم وصغر شأنهم إلى درجة اعتراف أحدهم هذه الأيام أنه مجرد نعجة...