زمزمي





ماذا تقول يازمزمي في قنوتك على الشيعة؟

محمد المهدي الحسني
14  نونبر 2012


لا فض فوك يازمزمي، ولا نضب غزير علمك... أتحفت العرب بعظيم اجتهاداتك... فلحت في مسعاك: بعد دعوتك للقنوت على الشيعة في إيران، تم تجييش العرب قاطبة من المحيط إلى الخليج اعتبارا لفتواك... والعرب على أهبة فتح جبهة الجهاد على فارس وعلى الشيعة في كل بقاع الأرض، لم يبق لهم من شغل  سوى ذلك.
ولربما سارع البعض في إلزام أمراء النفط  تطبيق فتوى أولئك الفقهاء العباقرة الذين لم يجد الزمان بأمثالهم منذ القرن الأول... ولربما استدارت الدائرة المعلومة عليهم، فأصبحوا ملزمين بتطبيق الفتاوى التي استحلبوها من فقهائهم المخلصين.
ويا أخ العرب في كل البقاع ! هل أنت مستعد للسباحة نهارا في حِمَم الدم والأشلاء؟ والسياحة ليلا في براري الألغام؟ هل ستشفي غليلك أخيرا من سفك الدماء؟ هل ستردد في  ميادين الوغى شعر الأجداد في الحماسة؟ عمرو بن كلثوم نموذجا؟
أَبَا هِندٍ فَلاَ تَعجَلْ عَلَينَا     وَأَنظِرنَا نُخَبِّركَ اليَقِينَا
بِأَنَّا نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضاً     وَنُصدِرُهُنَّ حُمراً قَد رُوِينَا
هل تيقنت الآن أن الحرب لا ينقصها إلا شرارة قنوت القرضاوي والزمزمي؟ وعلى أية قضية سوف يعلن الجهاد المقدس؟ هل لتحرير القدس وفلسطين وثروات المسلمين، وانتزاع حقهم من استغلال التكنولوجيا في التنمية ومقاومة الفقر... هذه ليست من أولويات الدولة العربية الهجينة. تعلم ذلك ياصاح !! الحرب على الشيعة الذين هم أخطر من الصهاينة هي أولى الأولويات !!. الحرب على إيران ولبنان والبحرين وأطراف الجزيرة واليمن. أما سوريا، فواجب الوقت هو التصعيد في رفع أرقام القتلى الشيعة أنصار المستبد بشار الأسد. أما هم فليسوا بمستبدين ولا خائنين ولا منبطحين ولا ناهبين لثروات الأمة، مضيعين لها في شراء سلاح يمنع استعماله إلا في الحروب ضد المسلمين مثل هذه الحرب التي يقنت من أجلها الزمزمي وأتباعه... فعالمنا المتمكن، هو أدرى بما فيه مصلحة المسلمين، وخاصة الشباب المتخندقين في ساحات الموت.

ويل للعرب من شر قد  اقترب

ليس هناك أشياء بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف. أننا بصدد استنساخ نفس الفتوى التي أصدرها علماء القصور للأنظمة العربية الخاضعة أو المتحالفة مع أعداء الإسلام، قبيل تنفيذ صدام لأوامر غزو إيران في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي. فمات أو أعيق أكثر من خمسة ملايين من العرب والأكراد والفرس. وهم جميعا من أهل القبلة الذين لم يكفرهم أحد من فطاحل علماء المذاهب الإسلامية المعتمدة عبر التاريخ.
لكن الحرب الأولى أطفأها الله، وفازت إيران على إثرها فوزا عظيما... وخسر أمراء النفط وأتباعهم خسرانا مضاعفا بالحسرة والندامة... إنفاق ثروات لا يحصيها العد، لو أنفقت على تنمية أمة الإسلام لارتفعت في ميزان الدنيا والدين. لكن أفدح الأعراب خسارة كان أولئك الدعاة على أبواب جهنم الذين أصدروا فتوى الاستعانة بالكافر لقتال المسلم، وفتوى وجوب قتال أهل القبلة من إخوان سلمان الفارسي، فتعلقت بهم أرواح الشهداء من الجانبين، فما أثقل حسابهم عند الله.
ثم خمدت الحرب وانقشعت سحب الفتنة قليلا. وهو ما لا يعجب الأعداء، فلا بد من إشغال المسلمين بعضهم ببعض في الحروب التي تلهيهم عنهم، وهم في أوج نهبهم لثروات النفط، يستعينون بها لإنجاز مشروع بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، وكذا المشاريع الصليبية الأخرى.
زادت ضرورة ذلك إلحاحا بعد مستجدات الربيع العربي. المطلوب هو زيادة تأجيج سعير الطائفية من جديد، لكي يستخدم النفط الملعون، والأشلاء المسلمة المستباحة، كبارود لمدافع إسرائيل في حربها بالوكالة على المسلمين. وما أسهل استنساخ تجربة حرب صدام على إيران، والبداية هي التي نحن بصددها: فتوى الزمزمي والقرضاوي وأمثالهم. وهو الصابون المستعمل في غسيل أدمغة الشباب الذي لم يولد إلا بعد حرب الخليج الأولى، وشحنها بالفكر التكفيري الطائفي... وهو تجديد محض لفكر الخوارج والحشاشين. والمطلوب أيضا هو تأطير هؤلاء الشباب عن بعد برجال المخابرات، وتأجيرهم بشيء قليل من حطام الدنيا، و"كاد الفقر أن يكون كفرا"، كما قال الإمام علي كرم الله وجهه، ثم توجيههم إلى البؤر الحربية المختارة، طبعا في ديار المسلمين. يسمح لهم بتحقيق فوزهم بالحور العين، لكن لا ينبغي أن يكون لهم أي قرار في اختيار المواقع التي يفجرون فيها أنفسهم. وقد كان ذلك ممكنا زمن الحشاشين والخوارج الذين يختارون أهدافهم قريبا جدا من الزعماء المراد اغتيالهم. وليكن حشر الشباب المتحمس للشهادة في صحراء مالي البعيدة عن آبار النفط مثلا، أو في صحاري سوريا والعراق وإيران و الثلث الخالي، التي لا يوجد فيها شجر يحميهم ولا سرابيل تقيهم بأس الطائرات بدون طيار التي تبيدهم كما يباد الجراد... كل ذلك مخافة تكرار انقلاب السحر على الساحر الذي حدث في أفغانستان.
فما أسهل على أمراء النفط والملوك المتحالفين مع أعداء الأمة من استصدار تلك الفتاوى من أمثال القرضاوي والزمزمي وغيرهم كثير. وليس ذلك بغريب على نوع من النواصب الذين يكنون العداء الوراثي لأهل البيت ويحثون الناس على قتالهم... وقد روي خبر يحذر أنهم سوف يكونون أشد الناس عداوة للمهدي عند ظهوره في آخر الزمان.
فليعلم هذا الصنف من فقهاء الفتنة أنهم رأس الأفعى التي تنفث السموم المبيدة للأمة في مشارق الأرض ومغاربها. وخطرهم على الشعوب المسلمة أكبر من خطر الصهاينة والصليبيين والتتر وياجوج وماجوج أجمعين.

حصوننا مهددة من الداخل أكثر

لأن الحرب التي يشعلها الصهاينة وحلفائهم على الخلائق تكفل الله بإطفائها لقوله تعالى {{ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }}. وكذلك لقوله تعالى : {{ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ}} آل عمران؛ 111.
ثم إن قتلى المسلمين في الدفاع عن أنفسهم، يعتبرون شهداء أحياء عند ربهم يرزقون في الجنة.
أما الحرب بين أهل القبلة التي يمهد لها فقهاء النصب بفتاويهم، فهي من جنس الفتنة، التي أمرنا ربنا بالمسارعة في كف ظلم الفرقة الباغية فيها، تطبيقا لحكمه عز وجل: {{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }} [سورة الحجرات: 9]... فإن لم نكف الفئة الباغية أصبحنا كلنا مشاركين في الجريمة. جريمة قتل النفس التي حرم الله، وجزاؤها الخلود في النار والعياذ بالله. ذلك بميزان الآخرة. أما بميزان الدنيا التي يتهمم له القوم، أكثر من همهم على الآخرة، فحسبهم أن يكون سفك دماء المسلمين فيها رهيبا، أضعافا مضاعفة لما يحصل عند هجوم جيوش الكفار. وتكون خسائرها أكبر بكثير من خسائر الحروب التي يوقد نارها أعداء الإسلام. ذلك ما أخبرنا به نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه. فقد روى الصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سالت ربي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها. وسالت ربي أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم شديد فمنعنيها))

متى  يفيد ردع  البأس الشديد ؟

ما الحكمة من عدم استجابة الله عز وجل لدعاء الرسول صلى االله عليه وسلم وعلى آله بشأن المسألة الثالثة؟
إن من قوانين الله الشرعية تلك الأحكام المتعلقة بالوحدة والتضامن والتكافل والتعاضد. كما أن هناك أحكاماً شرعية تحذر من الاختلاف والنزاع والشقاق والاقتتال. فإذا احترم المسلمون القوانين الشرعية المتعلقة بالوحدة فإنهم يكونون قد اجتازوا الامتحان بالنجاح والتوفيق. وعلى العكس من ذلك في حالة عدم التزامهم بها، فإنهم يكونون قد فشلوا وتنازعوا، والله سبحانه وتعالى يقول: وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ[الأنفال:46].
ولذلك تكون حالة الفتنة والحروب الداخلية أو الحروب بالوكالة بين المسلمين هي من أفتك الحروب وأخطرها على المسلمين. ومن أجل ذلك صارت من الح مطالب أعداء الأمة الذين يكيدون لها كيدا عظيما. وكل زعيم عربي يجتهد في تأجيجها، تراه يتصدر للفتوى السياسية ولو كان مساحة إمارته لا تتعدى مساحة ملعب لكرة القدم !.
عقل المتربصون الأمر أخيرا وسحبوا جنودهم من دار الإسلام، من أفغانستان والعراق وربما غدا من الجزيرة العربية، ريتما يشعل القرضاوي والزمزمي تلك الحروب الداخلية التي تكفي الأعداء هم المواجهة المباشرة وتحمل أعباء الحرب، وهم في أزماتهم الاقتصادية التي لن يسعفها إلا ثروة النفط المنهوبة، وتجارة الأسلحة المربحة. والمواجهة المباشرة التي لا تضر المسلمين إلا أذى، ربما وحدت صفوفهم وهو ما لا يأمله الأعداء وحلفاؤهم من أمراء الدول العربية الهجينة، لأنهم يبرعون في تطبيق  قاعدة ماكيافيللي " فرق تسد".

هل يرضى المسلم بالمسخ؟

هل سنرضى مثلا بمسخ القرضاوي فينقلب اسمه قرظاويا بالظاء، ينسبه إلى القبيلة المعلومة،  بعد إرغامه على إخراج عصا من ضاد اسمه، يقاتل بها أهل القبلة تنفيذا لأوامر العقل الصهيوني؟
أما الزمزمي فلا أحد يقيم له وزنا، لحرصه المستميت على التصدر للفتوى المشبوهة، ولتواتر هفواته التي لا يستند إليها إلا أهل الهرطقة والتفسخ والفتنة. وقد اكتشف المغاربة أخيرا جروحا خطيرة تمس بعدالته.
لكن نأمل منهما أن يكفوا عن تلويث أسماعنا بالفتاوى المريضة المحرضة على الصراع  بين أهل القبلة. لأنهم لن يكونوا هم ولا أولادهم ولا أزواجهم ولا بناتهم في جبهات القتال. وإعلان توبتهم نريده علانية على رؤوس الأشهاد لأمرين مهمين :
· لكي ينقطع الاستدلال بتلك الفتاوى من لدن الشباب الذي يشحنونهم عقديا لقتال الشيعة؛
· ولكي ينقطع التبرير الديني بها قصد تبييض أمراء النفط وأمراء الدول العربية الهجينة من الخيانة لدينهم ولشعوبهم المسلمة. 

اللّهِ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ

ويا للعجب ففي زمن التدبير الحضاري السلمي للاختلاف واحترام التنوع الثقافي وتجريم العنف والتحريض عليه، ينبري فقهاء النصب والتكفير لحمل الناس على مذهبهم وإرغامهم على اتباع اجتهادهم الذي لا يرى بأسا في تمجيد يزيد قاتل الحفيد،  ويحرض على قتال أمة بأكملها من إخوان سلمان الفارسي الذين مجدهم الله في كتابه الكريم، وبشرهم بشرف حمل الرسالة المحمدية حين يخذلها الأعراب. وهو عين قوله تعالى:
{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}} : [المائدة:54]
أما خيانة الرسالة فيوشك أن يتوفر أهم أركانها في حدث ضياع القدس. قال عز وجل: {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }}: [المائدة:51]
ومن مؤيدات ودلائل فضل الله وشرف تحميل الرسالة المحمدية للقوم الذين يحبون الله ورسوله وأهل بيته، توشيح علماء الثريا بوسام التمكين العلمي، الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه: " لوكان العلم في الثريا لناله رجال من فارس ".
والإنجازات التكنولوجية التي يحققها في هذا العصر علماء إيران هي من ذلك الفيض الذي يهبه الله لمن يصطفي ويختار. وحرمان العرب منه هو دليل الخذلان لمن يخذل الرسالة. والأعراب لجهلهم وغبائهم لا يولون لتلك الهبة الربانية أي اهتمام. بل أعرضوا عنها لما عرضتها عليهم إيران، امتثالا لأوامر العقل الصهيوني الذي يمنع المسلمين حق التكنولوجيا وثمارها. وذلك من غريب صنع الله بالمخذولين.   
قبّح الله الجهل وقاتل الله التعصّب. وحسبنا الله ونعم الوكيل على المعتقدات والفتاوى الداعية للانبطاح  للعقل الصهيوني الغادر، الموقد للحروب بين المسلمين، والمكرس لحال التخلف والقعود.

تدبير الاختلاف:

والعقلاء يرون في كل العصور أن الاختلاف المذهبي رحمة، في الحدود التي تمنع التنازع والتقاتل والفشل. ويقرون الناس على اجتهادهم في الفروع، شريطة التمسك بالأصول التي يتفق عليها أهل القبلة. ولذلك الغرض، ترى عبر التاريخ، أمراء الدول الإسلامية العظيمة المستقلة في قرارها، تراهم ينصبون في عواصم ملكهم قاضيا لكل مذهب من مذاهب أهل القبلة: المالكية والحنبلية والشافعية والحنفية والشيعة الزيدية والإثناعشرية. بل يعترفون لليهود والنصارى بحق التقاضي إلى توراتهم وإنجيلهم، إذ {{ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }}: البقرة؛ 256.
اللهم جنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن. اللهم اجعل في قضائك اللطف من قنوت القرضاوي والزمزمي وأتباعهما وأشياعهما من الإنس والجن، اللهم كن للمسلمين جارا من شر ما في قنوتهم، تبارك اسمك، وعز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك.





ليست هناك تعليقات: